البانتشانترا وقصة “باعثو الليث”
سليمان بختي
البانتشانترا هي مجموعة من خمس مطارحات سردية على شكل أمثال وتبصرات في الحكم الرشيد وضعت حوالي القرن الثاني بعد الميلاد. والعديد من الحكايا الموجودة في البانتشانترا تظهر في ألف ليلة وليلة وفي حكايا الكاتب الإغريقي ايسوب وفي الديوان لسعدي، كما في حكايا الحقبتين الوسطى والنهضة الأوروبيتين.
قصة باعثو الليث
في مكان ما كان يقطن أربعة شبان أصدقاء من البرهميين. ثلاثة منهم بلغوا أقصى الشطآن المترامية لمحيط العلم، لكنهم كانوا يفتقرون إلى الحس السليم. ورابعهم hمتلك الحس السليم فقط دون إلمام العلم.
ذات يوم تداول هؤلاء الأصدقاء في ما بينهم ثم قالوا متسائلين: ما نفع العلم إذا لم نستطع حمله إلى بلد غريب لنربح به حظوة أمير ونجمع ثروة؟ إذن إلى البلد الشرقي دعونا نشد الرحال، وهكذا كان.
ابتعدوا قليلا ، فقال أكبرهم سنا:” بيننا واحد هو رابعنا لا يملك علما إنما يملك حسا سليما. ولا يمكن أن يحظى بعطايا الملوك بفضل الحس السليم دون العلم. لن أعطيه شيئا مما أناله وليعد الى الوطن”.
وقال الثاني:” يا هذا، يا فطنة عد أدراجك لأنك لا تملك علما”.
ورد ثالثهم:” يا للأسف، ليس من اللياقة فعل هذا. نحن لهونا معا مذ كنا صغارا. إسمحا له أن يأتي معنا. إنه صديق نبيل، ويجب ان يصيب شيئا مما نجمعه من ثروة”.
تابعوا المسير حتى بلغوا أجمة رأوا فيها عظام ليث ميت.
فقال الأول:” في مقدورنا الآن اختبار ما تعلمناه في الكتب. أمامنا بعض من شكل لمخلوق ميت، وبسلطان علمنا سنقوم بإعادة الحياة إليه. سأعيد جمع العظام بعضها إلى بعض”.
وبالفعل نفذ الرجل ما وعد به متحمسا.
وقام الثاني بإضافة اللحم والدم والجلد إلى العظام.
وما إن هم الثالث بنفخ الحياة في الحيوان، أوقفه فطنة وقال:” تمهل، هذا الليث الذي تعيدون جمعه، إذا ما أرجعته إلى الحياة سيقتلنا جميعا”.
على هذا أجابه الآخر:” أيها الغبي، أيبقى العلم بلا ثمر بين يدي”.
“حسنا إذا” قال فطنة،” انتظر لحظة ليتسنى لي تسلق شجرة ما”.
بعدئذ أعيد الليث إلى الحياة، ولكن حال تحقق ذلك، قفز الحيوان وقتل الثلاثة.
على أثرها نزل فطنة من الشجرة وعاد إلى موطنه.
بناء عليه ختم ساحر الذهب مستخلصا: من حق متعلمي الكتب أن يعززوا / لكن الفطنة هي الأفضل عندي/ إذا حرمت من الفطنة فلسوف تقضي/ مثلما قضى أولئك الثلاثة باعثو الليث”.
***
*ترجمة :فوزي محيدلي
