كانت…..

Views: 533

د. جان توما

راحوا وبقيت وحيدًا. يسألني سطح الدار عن الصغار الذين كانوا ينامون هنا، يغفون على إيقاع ضوء النجمة، وهي تغمزهم بنورها، يقوى ويضعف، كأنّه يلاعبهم لعبة الاختفاء لوهلة.

كانت النجوم تمرينًا لحفظ أرقام العدد، بتمتمة شفاه كي لا يقع الخطأ. يسأل الدار عن أيدي الفتية التي كانت تطاول قفزًا، لقطف بعض حبّات العناقيد المتدلّية من عريشة البيت. ما زالت سواقي الماء الكارجة أمام باب المدخل تكرج في آذان الذين هجروا أو هاجروا الدار. تتهجأ الساقية أسماءهم، تناديهم، لا أحد يردّ،. كأنّ الأسامي صارت كماء النبع على الجبين المغسول براحة يد تعبة، تتناتشها أشعة الشمس، فتتبخّر كما يهجر الماء الجلول  والمنحنيات الخجلى.

متروك أنا، كغيمة ضيّعت في الهوى دربها، تبحث عن رفّ طيور، تمضي معها حقيبة سفر، تنزل المرافئ كلّها، والمطارح كافة. ما بال الغيوم تمرّ فوق بيتي العتيق، تنزل، تشحبر أسمها على الحيطان أنّها مرّت من هنا؟.  ما بال النسيم كلّما همس في آذان حبّات التوت، تلوّنت أنامله نافضًا ما علق بها، فيصير ما يتساقط منها شهبٌ تلهبُ البال وتحرق الذاكرة شوقًا ؟.

يا السورُ العتيق المشتاقُ لشيطنة الصغار، قم إلى ربيعِكَ ليعود أحبابكَ.

***

*اللوحة للفنان حبيب ياغي- بيت في الجبل

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *