“من وراء الحجب” جديد د. ياسين الأيوبي عن منتدى شاعر الكورة الخضراء

Views: 16

صدر عن “منتدى شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده الثقافي” كتاب جديد للدكتور ياسين الأيوبي في عنوان “من وراء الحجب”، لوحة الغلاف بريشة الرسام التشكيلي برنار رنو. في ما يلي التصدير بقلم ياسين الأيوبي والمقدمة بقلم رئيسة “منتدى شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده الثقافي” الشاعرة ميراي عبدالله شحاده. (playideas.com)

 

 

 

د. ياسين الأيوبي والشاعرة ميراي عبدالله شحاده

 

ياسين الأيوبي

“مِن وراء الحُجب”عنوان القصيدة الأولى من الديوان… رأيتُ أن أجعله عنوانًا عامًا لديواني الرابع عشر، لغير سبب:

أولاً: أنَّ القصيدة في امرأة تبوَّأتْ موقعاً باهر الحضور في حياتي الراهنة…

ثانياً: أن معظم قصائد الديوان، تدور في فلك الـمَوْقع القدسيِّ الروحانيّ: (ما وراء الحجب)، فاصطبغتْ باللون القاني؛ على الرغم من حرْصي على عدم ارتجال أيّ عنوان لأي كتاب لي، بل العناية الكافية لجعْله منسجماً مع محتوى الكتاب وملاءمته مع المحتوى…

مع انتقادي الشديد لأي عنوان اعتباطيّ انتُزِع من عبارة أو صيغة وردتْ عابرةً في متن الديوان أو الكتاب… لأنّ ذلك يؤكّد استخفاف الشَّاعر أو الكاتب بمقام عمله وبالقارئ على السواء. وتأكيداً لضرورة موافقة المحتوى للعنوان، وعدم الارتجال، نشرتُ مجموعتي الشعريّة الثالثة “دياجير المرايا” والعنوان، هو نفسه لإحدى قصائدها، لكنها كانت تُشكِّل الإطار العام والمناخ السائد لباقي القصائد…

ثالثاً:وافقت السيدة ميراي شحادة على كتابة مقدِّمة المجموعة، فسررت كثيراً، لثقتي الكبيرة بنصاعة أدبها ولُغتها وتعاطفها مع النسيج الشعريّ الّذي أعتمده في أشعاري بخاصّة، وبحوثي وكتاباتي، بعامة، فتكون رابع أربعةٍ قدّموا لي، وذيّلوا، أذكرهم بوفاءٍ وأمانة، وهم: الدكتور أسعد علي، مُذيّلاً لأول كتبي “صفي الدين الحلّي” 1971، والدكتور أحمد درويش مقدّماً لمجموعتي الشعريّة السادسة “نار الفصول” 2010، والفنانة التشكيليّة الشاعرة باسمة بطولي مذيِّلةً لكتابي: “حصاد الأيّام” 2017، والأديبة الواعدة ميراي شحادة. رعاهم الله جميعاً وهيّأ لي مزيداً من العطاء الأدبي الّذي يُحقق وجودي الـمُعافى على الدوام، صحةً ونتاجاً قلميّاً مُبدعاً، تاركاً للقارئ البحث المؤاتي عن عالم “ما وراء الحجب”وما أدراك ما (الحجب)!

وقد قدّمتُ بنفسي لعشرات كتبي ومؤلّفاتي التي ناهزت المائة عنوان منشورةً في المكتبات؛ تجنّباً للمحاباة، وحرصاً على حُسْن الدخول إلى مؤلّفاتي وتقديمها!!

عفصديق/ الكورة 6 شباط 2021 الموافق جمادي الآخرة 1442 هـ

 

ميراي عبد الله شحاده

ها هو ساحرُ الكلمات يلاعب الدهر بنرد حروفه  ويفوز مرّة أخرى بسدّة العرش، ينفخ في طين الأبجديّة روحه العلوي وبرشاف أطيابه يمزجها فتتعاظم الأبيات من معجنه وتتنبثق القصائد عذارى مغناجةً حالمات.

هو يكتب ليتأبّد في سماوات العشق، ليُمندِلَ الشعر بهينمات ياسينيّة حاجباً خلفها شظايا قلق الوصال المتأجّج دوماً في ثنايا بيادره؛ هو يكتب بزيت مقدّس ليبهج نفسه التوّاقة َ للحبّ المنشود متريّنًا للعاصفة المزدحمة في حنينه الأبدي والسرمديّ للجمال؛ يكتب ليُوريَ شتات غربته عن ضالّته، عن هيوليّة امرأة مِثال لم تتجلّى إلّا في فكره وعبارات هذا الديوان، اخترق بها ولها المكانَ والزّمانَ واستحضرها في سوَر وآيات “من وراء الحجب”. امرأةٌ تتعدّدُ صورها وتختلف أسماؤها؛ أمّا ناسكُ عفصديق الثمانينيّ فيراوح التأرجح بين أرضها وعليائه ظمِئاً للكمال، ينشدُ الارتقاء لمقامات أرفع ويختلِسُ مناسك الصفاء من “دويّ اعتصاف” المشاعر بالرّغم من القدر!

تأتي جميع قصائده فعلَ خلود يصارع بها عمراً أحلامه هتون، يطوف بها مُثقلاً  بصخرة عشقه وقبّة سمائه، هو صنو “سيزيف” و”أطلس، يكافح ويجاهد فيسمو ويتقطّر في معموديّة الحبّ والحبر معا”.

قومي استنيري يا بيض الصفحات لأنّ “جذوة في الرّماد” اندلعت، ترونقت وعبقت لتوقظ النّور من “تشنيفة مجذاف” ومن “تهيام أوتار”. راحت تتمتم مزاميرها وتتلو قصائدها بين غربة واغتراب، تسكّن النزف بين أماليد الشعر، وهزارها الأيّوبيّ يزغرد ويسبّح طوال “سفر مسير مضنك فوق التراب”.

وبين ارتحال النحل لثغر الخزامى في حقول الأيّوبيّ الشاسعة، وولادة الشهد من رحم قوافيه،  تيمّم قلمي، كما في الصلاة، لكتابة هذه المقدّمة المتواضعة  وأنا الّتي ارتديت البردة الياسينيّة كي أجوب سماواته وأقف على شرفة أمجاده، أتوغّل في مناجم زمرّده وأغتني وأتبرّج! لامن باب النقد فأنا لست بناقدة ولا من منازل الأدباء والشّعراء والأكاديميّين، بل من على بساطي السندباديّ الصغير أمدّ يديّ وأكمش الضوء من عناوين ديوانه، أرتشفه ومضاً مضمّخاً بهذي المزامير، وبي القليل من الكثير من هذا الجمال الشعريّ الياسينيّ.

لمن يتلو طقوس العشق في”إعجاز الوصال”، لمن له الشعر مسكنًا وزورقَ عبور للشمس، لمن يمسك بالألف الباسقة ويكوّرها بين أصابعه نبضاً للهوى وعكازاً للمدى، أقول له: ما أحلى انعتاق الدرر من يراعك يا د.ياسين، علّني في إصدار ديوانك هذا والثّاني من منتدى شاعر الكورة الخضراء، ببعض رذاذ العطر أنا هي الّتي تتعطّر.

 

من وراء الحجب

 

[إلى المرأة المثال: ميراي عبدالله شحاده]

 

هل أُصدِّق أنني أحيا

على فيضٍ من القُبَل النديّاتِ

                                ارتشافاً أبديّاً

                                زائغ البصرِ؟..

لا أُغالي… فالفراشاتُ

تشوَّفْن ارتقاءً في سماواتٍ

مِن التَّهيام، تحويماً سديميًّا…

غدَونَ الآن أسراباً

                                من الشرَرِ!!

ضَمَّني فيها شعاعٌ ناحلٌ

من ساطعاتِ الطرْفِ

أحْيتْ رَمَمَ القلبِ،

وبُرْدَينِ استحالا

نَهَراً من دافقِ الأمواجِ

يَعْذوذبُ فيها الـمِلحُ

                                والإعصارُ..

حدِّثْ بعدها، كيف انسكابُ الماءِ

                                من أبراج عِلِّيّينْ؟

أشرقتْ فيها أساريرُ السّكونْ

                                وتباشيرُ السَّلامْ!.

يا لَنُعمَى الخَدَرِ!!

***

ما شاقَني، في نِعمة الإعصارِ

إلاّ نَوْحُ قُبَّرةٍ…

في غَيْهب الليل ارتقاباً

                                لِسُكارى…

ضجَّ فيهمْ شَبَقُ السُّكْر

                                فقالوا… ( 1)

من أغاريد الوتَرْ!!

                            ***                               

هل أَنْبري للشَّدْوِ في تَشْنيفةِ المجذافِ،

                                واليمُّ ارْتحالٌ

                                وتواريخٌ لآياتِ الذِّكَر؟..

***

خُذْني.. عُجاجَ الخاطر

المائجِ في صحراء ذاتي،

نحو هاتيكَ السُّوَرْ!

إنْ أنتشي إلاّ بتَشْواقٍ

                                ربيعيٍّ

يُرَوِّيني الغرامَ الـمقْشَعرّْ!!

ما كان دربي يَسْتبينُ العثراتْ

                                بِمسْرَح الحُفَرْ!..

***

مُذْ أنتِ ملْءُ الوهْجِ

                                في حِضْن اليَقينْ،

تَتْلينَ أوْرادَ السنينْ،

هاجتْ رؤايْ

فانشقّتِ الأجفانُ

                                عن روضِ مُنايْ

سِيّانِ أنْ أعْفِرَ وجهي

                                بِسَنا الزنبقِ

يَصْلى بتَرانيم شَذايْ…

أو أغْتدي مُسْجى على أرجوحة الأُفقِ

الـمُنَدّى بتواشيح “مِرايْ”.

يا للجنون المزدهي،

من قلبِ أوصالِ الحنينْ!!

*** 

خلْتُ أني في نهايات فصولي،

قد تَناهى الوصْلُ في قاع الفؤادِ

انْفضَّتِ الأعطافُ

                                واصفرَّتْ شُتولي،

فإذا بالرجْع مِن تغريدة الأزمانِ

قد أذكى وميض الجمرِ،،

أسرجتُ خيولي..

لا يُدانيني ارتيابْ،

هَلَّ فجرُ الحب

واشتدَّ ذهولي!!

  ***

هالَني، ميرايُ، فيكِ

                                                خفْقةٌ

أرْختْ على الأهداب

                                                آفاقاً

من الشَّجْو الـمُسافر نحو شطئان

البحيراتِ الـمَشوقهْ!

أَيقظيني من دياجير فؤادٍ

شفَّهُ الإبحارُ في مسْرى العشيَّات

                                                الرقيقهْ

لَمْلمي عني شَتاتَ الغُرْبةِ

احْتلَّتْ مَسامَ النبضِ

أَوْفَتْنيَ غدراناً جَفاها الطيرُ

                                                فالْتاثَ الأثيرْ

                                وذَوَتْ فيه الدوالي…

لا أراكِ الآنَ إلاّ مَشْرعاً

للخلوة الكبرى، بصَرْحٍ

من أناهيدي العتيقهْ!..

***

طوِّقيني..

اعْتَمِري ثَغري..

بلغتُ المنتهى!..

أوْري بَريقهْ!!..

آخر شباط 2020 عفصديق/ الكورة

 [1] –  من القيلولة. 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *