من أكبر الإهانات في الزمن الجميل: كلاب بوليسية تُفتش حقائب الوفد الرسمي اللبناني إلى نيويورك

Views: 328

المحامي معوض رياض الحجل

إندلعت الحرب الروسية الأوكرانية في 24 شباط 2022 مُقسمة الكرة الأرضية إلى ثلاثة مُعسكرات: مُعسكر مؤيد للرئيس فلاديمير بوتين والآخر داعم لاوكرانيا وللحلفاء الغربيين والمُعسكر الثالث يُراقب عن بعد تطور الأحداث لأخذ الموقف المُناسب تبعاً لمصالحهِ السياسية والاقتصادية.

تفاجأ كل مُحلل سياسي ومُراقب بموقف لبنان السريع وغير المدروس من الأزمة الاوكرانية.

 من الطبيعي إدانة أي عدوان على الابرياء المُسالمين في منازلهم ومدنهم، ولكن في نفس الوقت لا يمكن الوقوف كطرف ضد طرف في أي صراع، وخاصة إذا كان النزاع دوليا وحساسا بين دولة عظمى هي الأتحاد الروسي وجارتها أوكرانيا. لم يستفد لبنان بشيء من أخذ الموقف الرافض للحرب ضد أوكرانيا نوعاً ما ضد ما سمي بالعدوان الروسي. الفائدة الوحيدة هي فتح معركة دبلوماسية مع الروس قد لا تنتهي فصولاً وقد تزيد من عزلة لبنان الدولية في ظل الحصار الاقتصادي والسياسي المفروض عليه منذ ثلاث سنوات وأكثر.

المقصود من كل ما ذكر هو الأضاءة على تكرار تقصير الدبلوماسية اللبنانية في أخذ الموقف المناسب موقعة لبنان في مطبات سياسية ودولية موجعة مع الدول الكبرى على عدة صعد وبعض الأحيان تُسبب أهانة للبنان كدولة سيدة حرة مُستقلة. وهذا ما حصل بالفعل في تشرين الثاني من العام 1974 لدى توجه الوفد الرسمي اللبناني لحضور أجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة.

 

واليكم تفاصيل الحكاية…

في الخامس عشر من شهر تشرين الثاني من العام 1974 توجه الرئيس اللبناني الراحل سليمان فرنجية إلى مدينة نيويورك الأميركية حاملاً ملف القضية الفلسطينية المُحقة لتمثيل جميع الدول العربية أمام الجمعية العمومية للامم المُتحدة، بتكليف من القمة العربية السابعة التي أنعقدت في الرباط المغربية من العام نفسه.

وافق رئيس الجمهورية اللبنانية سليمان فرنجية على تكليفهِ من قبل القمة العربية، لكنه كان أمام خيارين لا ثالث لهما: الأول رفض التكليف الذي وافق عليه جميع الرؤساء العرب، فسُيسجل على البلد الصغير لبنان ورئيسهِ المُسيحي الوحيد في تلك المنظمة، أنه رفض التكليف للتحدث بإسم جميع الدول العربية عن أقدس وأشرف قضية، مما سيرتب على لبنان تداعيات كبيرة لا يحمد عقباها.

والثاني هو أنه إذا وافق على المُشاركة فسيضطر لبنان إلى تحمل ضغوط دولية كبيرة على عدة صعد أكان أقتصادية أم أمنية أم سياسية…

إعتمد الرئيس سليمان فرنجية الخيار الثاني، فكانت الرسالة السلبية الاولى والسريعة لهُ: قيام الكلاب البوليسية الأميركية بتفتيش حقائب الوفد اللبناني الرئاسي الذي يضم كبار الشخصيات، وفي مقدمهم رؤساء المجلس النيابي والحكومة الحاليين والسابقين بحجة الشك بوجود ممنوعات، الأمر الذي رد عليه الرئيس اللبناني فرنجية برفض دعوة الرئيس الأميركي آنذاك جيرالد فورد لزيارة واشنطن.

ليس المهم ما حصل للوفد اللبناني من أهانة وأنما الاهم هو طبيعة النقاشات التي حصلت في مجلس النواب اللبناني في جلساتهِالعامة في شهر تشرين الثاني 1974من قبل عدة نواب ووزراء يستنكرون الذي حصل في نيويورك وسبب حصولهِودرجة الأهانة التي تعرض لها لبنان. أبرز الكلمات ركزتعلى توجيه اللوم إلى الدبلوماسية اللبنانية وعلى رأسها وزير الخارجية والمغتربين أنذاك الاستاذ فيليب تقلا عن الذي حصل وأسبابهِ وتدعايتهِ وتأثيره على علاقة لبنان بدولة عظمى مثل الولايات المتحدة الأميركية.

 

استنكار كرامي

رئيس الحكومة السابق رشيد كرامي استنكر ما حصل وطالب بإعادة الأمور إلى نصابها: “إنما هناك قضية هامة هي موضع أخذ ورد تتعلق بالوفد الذي قام بمهمة تاريخية برئاسة فخامة رئيس الجمهورية. ونحن إذ يشرفنا أننا كنا في عداد هذا الوفد، ولكننا لم نعلم بالتقصير الفاضح الذي جرى من قبل الدولة الأميركية عندما وصلنا إلى تلك البلاد. وفخامة الرئيس يمثل دولة. وكان من واجب اللياقة أن يحصل ما ينص عليه العرف والبروتوكول. ولم نعرف بهذا التقصير إلا بعد أن عدنا إلى أرض الوطن، إذ أننا لم نكن نعلم بما جرى، وهذا ما آلمنا أكثر فأكثر، لذلك، ونحن إذ نستغرب كل هذا فإننا في الوقت نفسه نخشى بأن يؤدي تقصيرهم إلى تصرف من قبلنا قد يضاعف من الأزمة بحيث يدفع لبنان الثمن. ونحن نعلم أن لبنان قوي بديمقراطيته وبحكمتهِ وبمرونتهِ. ولهذا فإنني رغبت، وضعاً للأمور في نصابها، بأن أتوجه من معالي وزير الخارجية وأنا أثير هذا الأمر، لعل في توضيحهِ ما يضع حداً للقيل والقال، لأن مثل هذا الأمر يفتح الشهية عند مُختلف الجهات من أجل البحث والتطويل والاختراع، مما قد لا يخدم المصلحة العامة التي نتوخاها جميعاً. فنحن اليوم في مرحلة، نُدرك فيها شدة الصراع القائم من أجل نصرة الحق، وفي سبيل إيجاد الحل العادل لأزمة الشرق الأوسط. ونحن نعلم أن أميركا بيدها وأقول، إلى حد بعيد، مفتاح هذا الحل”.

وأضاف كرامي: “لذلك ألفت نظر معالي وزير الخارجية إلى أننا مع أستنكارنا لما حصل، بأن يصار إلى مُعالجة الأمر لا بالعاطفة ولا بالحدة، ولكن بما يكفل إعادة الأمور إلى نصابها. ومعاليكم أدرى بالأسباب التي كانت وراء كل هذا، ونحن نجهلها، لأنني على حد ما أعلم في مثل هذه الأمور، وعندما يُسافر رئيس دولة، لا بد وأن تكون الترتيبات المُسبقة قد أتخذت، إلا إذا كنتم تعتبرون بأن سفره كان إلى هيئة الأمم المُتحدة وليس إلى أميركا، وإذاك قد يتضح الكثير من الأمور بحيث يجب أن يصار إلى المكاشفة لوضع حد لكل تأويل.

لهذا أردت أن أسارع قبل أن تتفاقم الأمور بين الجدل الذي لا يرتكز إلى الحقائق، لعل في توضيح الحكومة ما يؤدي إلى وضع حد لكل هذا”.

جنبلاط تقصير أميركي يمس كرامة كل لبناني

الوزير كمال جنبلاط، قال: “إذا كان هناك تقصير حصل من قبل الحكومة الأميركية في أستقبال رئيس جمهورية لبنان والوفد. فيجب أن لا نتورع أبداً بأن نقول: إن هذا التقصير يمس كرامة كل لبناني، يمس كرامة لبنان، يمس كرامة جميع الدول العربية التي كان يُمثلها في هذا الحدث التاريخي رئيس جمهورية لبنان، وأن لا نخشى في ذلك لومة لائم، طبعاً، في صراع ندخل فيه مع أية جهة في هذا الحقل، ولكن من الواجب علينا أن نضع الأمور في نصابها التقليدي العادي الذي يجبرنا أن ندافع عن كرامتنا لا عن كرامة الحكومة الأميركية ولا عن الصلات التي تربطنا بالحكومة الأميركية وسوى ذلك. فلا أدري ما معنى إثارة هذا الموضوع في المجلس النيابي اليوم؟ ولكن أرى أن الجميع في هذا المجلس ينضمون ويقولون قبلي: إذا كان حصل تقصير في أستقبال رئيس جمهورية لبنان، فنحن جميعاً في هذا المجلس نستنكر هذا التقصير لا في وجه الولايات المُتحدة فقط بل في وجه العالم. يجب أن نتعلم مرة واحدة أن نقف على أرجلنا، وأن نقول الأشياء كما هي دون أن يورطنا ذلك طبعاً بأن نُصبح في الحقل الدولي مُنحازين لهذا الفريق أو للآخر، وطالما شكونا من الانحياز للفريق الأميركي الذي لا يزال يُرسل الأسلحة والمال والعدد والفنيين إلى إسرائيل هذا ما قصدتهُ بكل بساطة. وأن لا نخفي الأشياء بل أن نقولها، فليس لدولة صغيرة مثل لبنان إلا أن تدافع عن كرامتها. إذا لم يكن للبنان من كرامة؟ فماذا يكون له؟”.

 

الصلح: تصرف أميركي غير لائق

رئيس مجلس الوزراء رشيد الصلح قال: “إن التصرف غير اللائق الذي حصل في مطار نيويورك حين وصلَ فخامة الرئيس إليه مُمثلاً لبنان ومُمثلاً العرب جميعاً، كان موضوع أستنكار من جميع اللبنانيين، ونحن نشعر بأن فخامة الرئيس ذهب إلى نيويورك لا ليمثل لبنان فحسب بل ليمثل المئة وأربعين مليون عربي ويوضح من أعلى منبر عالمي، وفوق هذا المنبر صوت الحق وصوت الضمير، إن التصرف الذي حصل كما قلت كان موضوع استنكار إجماعي من جميع اللبنانيين، لأن كرامة رئيس الدولة من كرامة جميع اللبنانيين والشيء الذي استطيع أن أؤكده لدولة الرئيس كرامي، بأنني أبعد من أن نتخذ أي إجراء أو أي تصرف تحت تأثير الانفعال أو العاطفة. إننا حريصون قبل كل شيء على كرامة رئيس البلاد لأنها كرامة لبنان أجمع، وأما عن التفاصيل التي طلبتها يا دولة الرئيس فإن معالي وزير الخارجية سيتفضل ويعلنها لك وللمجلس النيابي إن كان ثمة من تفاصيل”.

منصور: اهانة لكل اللبنانيين

النائب البير منصور، قال: “الحقيقة إن الموضوع كما تفضل معالي وزير الخارجية هو دقيق جداً. ويجوز كونه موضوعاً دقيقاً أن يثار على التلفزيون وأن يكتب عنه في الصحف وان يذيع في شأنه دولة رئيس الحكومة ومعالي وزير الأنباء التصريح تلو التصريح. ولكن لا يجوز لمجلس النواب أن يناقش هذا الموضوع لأنه على ما يبدو العباطة في التصرف هي في إثارة الموضوع في مجلس النواب لا في الحديث عنه في التلفزيون إذا كان دقيقاً.

ثم، فهمت من الأستاذ كمال جنبلاط أن الموضوع يتعلق بكرامة اللبنانيين وأن الأمر قد طرح بإهانة علنية للبنانيين. وهو يطالب ونحن معه، إنه إذا كانت قد لحقت باللبنانيين وبلبنان إهانة فيجب أن لا نخشى اتخاذ المواقف المناسبة أياً كان المهين. وأني أمل، طالما أصبحت الإهانة علنية بعدما جرى وما قيل، أن يكون التصرف علنياً وطالما أن التصرف غير اللائق الذي صدر علناً والذي، إن كان تصرفاً غير لائق، يهين كرامة اللبنانيين، فهل ننتظر أن نصفع كي نهان، أعتقد أن التصرف غير اللائق يهين كرامة اللبنانيين. وآمل أن يكون تصرف الحكومة بمستوى التصرف غير اللائق الذي حصل وأن يكون تعويض هذه الإهانة تعويضاً علنياً لا في الكواليس، وإن كان الأمر دقيقاً ولكن أنتم بدأتم بالعباطة فأرجو أن تمسحوا ما فعلتم شكراً دولة الرئيس. “

الشيخ بيار: قوة لبنان هي بصداقاتهِ

النائب الشيخ بيار الجميل، قال: “لا أظن أن أحداً يجادل بقضية الشرف أو الكرامة. الشيء ليس موضوع جدال لا أظن أن دولة كلبنان تقبل بأن تهان أو يمس شرفها. ولكن ليس لدينا المُعطيات اللازمة لنحكم في هذه القضية، وليس لدينا تفاصيل هذا الأمر، وإلا كنا طالبنا بإجتماع في اللجنة الخارجية، وعندئذ ندرس الوضع بحذافيرهِ ونحكم في هذه القضية.

أريد أن أذكر هنا أن الشيء الذي لا نختلف حولهُ هو أن قوة لبنان ليست بالبترول ولا بالمدفع. قوة لبنان هي بصداقاتهِ، وديبلوماسيتهِ. وبفضل هذه الصداقات وتلك الديبلوماسية أستطعنا أن نحافظ على حدودنا عندما كانت حدود كل الدول العربية المُتاخمة لإسرائيل مُنتهكة.

أطلب من وزير الخارجية الذي لي فيه كل الثقة أن يعالج الأمر كما يجب دون أن نفقد صداقات. وأنا لا أستغرب أن يكون هناك يد إسرائيلية تريد أن يدب الخلاف بين أميركا ولبنان كما حصل بين أميركا والدول العربية الباقية. أنا أظن أنه ليس من مصلحة لبنان أن يعادي لا أميركا ولا الاتحاد السوفياتي ولا الصين ولا فرنسا ولا إنكلترا، لأن قوتنا في صداقاتنا لا ببترولنا ولا بمدافعنا”.

 

الضاهر: تقصير كبير من قبل الخارجية اللبنانية

النائب مخايل الضاهر، قال: “ليس قليلاً أن يقول رئيس مجلس الوزراء بأن التصرف الذي قوبل به فخامة رئيس الجمهورية كان غير لائق. إن رئيس الحكومة قد أصدر حكماً بهذه العبارة على تلك الدولة التي كنا نعتبرها حتى الآن دولة صديقة. عندما يقول رئيس الحكومة بأن أميركا تصرفت تصرفاً غير لائق، إنني أسأله ومن حقي أن أسأله لماذا يقول دولة الرئيس أن حكومة أميركا تصرفت تصرفاً غير لائق؟ حتماً، يجب أن يكون لديه معطيات ويجب بالتالي أيضاً أن يكون لدى معالي وزير الخارجية معطيات. لا نقبل معه عندما قال سوف نجتمع عندما تأتيني التفصيل. هناك أمور كان بإمكان وزارة الخارجية أن تحقق فيها في اليوم الذي حصل فيه التقصير، لا بل حتى قبل وصول فخامة الرئيس الى أميركا لأننا نفترض أن وزارة الخارجية قد خابرت أميركا، واتفقت معها على الصيغة التي كان يجب أن يستقبل بها فخامة رئيس الجمهورية، وأن لا يفاجأ هذا الوفد بالتدابير التي جئنا اليوم نقول عنها بأنها كانت غير لائقة. إذاً، كان من المتوقع عند وزارة الخارجية بعد المحادثات التي من المفروض أن تكون قد جرت قبل سفر الوفد، أن تعرف الطريقة التي كان يجب أن يستقبل بها، وعما إذا كان هناك سابقة في الأمم المتحدة. عندما استقبل خروتشوف وعندما استقبل كاسترو في الأمم المتحدة. هل استقبله رئيس الولايات المتحدة وما كانت الصيغة؟ هذه المعلومات، يا معالي الوزير، من المفروض أن تكون لديك قبل سفر الوفد أو في اليوم الذي حصل فيه سفر الوفد وأن لا تقول لنا بأننا سنطلعكم على التفاصيل حينما تصل في اللجنة الخارجية. القرار الذي حدثنا عنه دولة رئيس الحكومة أي أن هناك تصرفاً غير لائق، اعتبر بأنه أعطى رأياً وأعطى حكماً ونحن من حقنا أن نطالبه بأن يطلعنا على التفاصيل وعلى الطريقة التي استقبل بها الوفد وعما إذا كانت كسابقاتها، أم أن التصرف الذي حصل لنا كان غير ما حصل لسوانا، وعندئذ لا نقول إن التصرف كان غير لائق، بل إننا نستنكر بشدة لأن رئيس جمهوريتنا عومل بغير ما يعامل به رؤساء الدول كما حصل في السابق. لذلك أطلب منكم التوضيح ولنعالج الموضوع الآن ولا يمكن التأجيل”.

 

العميد اده: ما حدث لا يليق بنا

من جهته، قال عميد حزب الكتلة الوطنية النائب ريمون اده: “لما تقرر السفر قبل يومين، يذهب السفير غودلي إلى بترو ديب ويقول له أتتنا برقية بأن موظفاً صغيراً، يأخذ معه إلى نيويورك حشيشة. لم يقل موظفاً. لم يقل موظفاً كبيراً: بل موظف صغير. بترو ديب لم يكن معتاد على هذه الأمور. قال له مولاي ـــ طبعاً مهضوم بترو ديب ـــ يرجع إلى الوراء نحن سنهتم بالأمر، وأبلغك ماذا قررنا بعد مدة. كما فهمنا من وزير الخارجية أجاب بترو ديب، بأن السلطات اللبنانية ستفتش الحقائب بما فيه حقائب الرئيس وحقيبتك، وحقائب الوفد أنا استغرب هذا التصرف أنا لو كنت بترو ديب طبعاً قد يجوز أنه وقف على رأي غيره ولكن أنا كنت قلت بكل تهذيب لسفير أميركا أياً كان هذا السفير:

أولاً: لا أسمح لك أن تتفوه كما تفوهت ولا أسمح ولو لحظة واحدة أن تظن بوجود حشيش في الحقائب أو أننا آخذين حشيشي معنا، أو أن أي موظف صغير يأخذ حشيش معه. أنا برأيي هذا الطلب مرفوض ولن أقبل به. بعدئذ أنا لست ذاهباً إلى بلادك بل أنا ذاهب إلى هيئة الأمم ونحن ليس لنا علاقة بالحشيش، هل سمع أحد من الناس بأن نحن نتعاطى تهريب الحشيش؟ أنا أعتبر بأن هذا هو الشيء المهم وهنا الإهانة الكبرى وهنا نكون قد سببنا لأنفسنا إهانة كبيرة عندما قلنا: نحن راح نفتش الحقائب، طيب قلنا إننا راح نفتش الحقائب فتشوا الحقائب ما فتشوا الحقائب لا أعرف وجدنا حشيشة ما وجدنا حشيشة بحقيبة كبيرة لا أعرف. كل الشيء الذي أعرفه هو أن السفير الأميركي قد أرسل برقية إلى نيويورك لم نعرف إذا وصلت، لأن نهار السبت هنا هو يوم عطلة، ويمكن أن لا يشتغلوا نهار السبت لأن عندكم Permanence مناوبة. وعلى كل كما فهمنا منوزير الخارجية أن العقيد دحداح في نيويورك قال للمسؤولين ليس لكم الحق بأن تفتشوا الحقائب، لأننا نحن قد اتفتقنا مع واشنطن، وعملنا اللازم، ومن المؤكد بأن واشنطن قد أعطت الأوامر لشخص هناك، لأن الفرقة التي تهتم بالمخدرات مستقلة تمام الاستقلال عن السلطات الأميركية. قال ذلك الشخص: لم تأتينا الأوامر ونحن قررنا أن نفتش الحقائب ففتشوا طبعاً، ولم يعثروا على شيء، وفهمنا أن وزير الخارجية، قال بأنه ليس من اللازم أن نتكلم عن هذا الموضوع، طالما نحن موجودين في أميركا، ولكن بعد العودة إلى لبنان، وكان قد سبق، على ما أعتقد، أن حصل رسالة من كيسنجر يستعمل فيها تعبير الأسف، أي أنه آسف.

طبعاً هذا التعبير غير كاف ولكن فهمت بعد وصول الوفد إلى بيروت أن سفير أميركا أرسل رسالة تتضمن كلمة اعتذار، وطبعاً أطلعنا على هذه الرسالة من اللجنة الخارجية تقول فيها إنه باسمي واسم حكومتي، أعتذر. كلمة اعتذار. ليست كلمة بسيطة ولا هي كلمة سهلة. إذا نائبان اختلفا مع بعضهما، وزادوا العيار قليلاً، يصالحهما مع بعضهما، ولكن لا أحد منهما يقبل أن يقدم اعتذاره للآخر. وتتم المصالحة بدون اعتذار. ولكن هذا دليل لما السفير الذي يمثل رئيس بلاده، ويستعمل كلمة اعتذار، أنا أعتقد بأن هذا الشيء مهم كثيراً، وقتئذ طلبت من معالي وزير الخارجية بأن ينشر مكتوب السفير طبعاً. لوزير الخارجية معطيات ليست موجودة عندنا. عنده اعتبارات وهو مطلع على الملف. وهذا الملف ليس في يدي. ولكن ردود الفعل هي أن المسألة بسيطة انشروا مكتوب سفير أميركا الذي يتضمن كلمة اعتذار. يقول لي وزير الخارجية أنا لا أستطيع أن أنشر المكتوب قبل أخذ موافقة السفير، قلت له «دخلك» بعد الذي صار لم يعد من لزوم لهذه Delicatesse الملاطفة. نستطيع نحن أن ننشره على كل حال. قلت له، يمكن أن يكون تلفونك ماشي، اتصل بالسفارة الأميركية وقل له، بأننا نريد أن ننشر المكتوب وأنا أعتقد تسعين بالمئة، السفارة توافق وكنا قد نشرنا المكتوب. هذا ليس معناه بأن القضية قد انتهت. أنا لا أدافع عن السفير ولا عن أميركا لأني لست بحاجة إليه ولا السفير بحاجة إلي ولا أميركا بحاجة إلي، ولكن حدث شيء لا يليق بنا، مجحف بحقنا. تشرشحنا بدون سبب. لأننا قبلنا نحن أن نتشرشح، لأننا قبلنا مبدأ، أنه ربما يكون في إحدى الحقائب، حشيشة. ولم نعرف إذا تم التحقيق لمعرفة من هو الموظف الصغير الذي اتهم أو من هو الممكن أن يتهم، لم نقم بأي تحقيق ولم أعد أعرف ماذا صار.

رفض معالي الوزير، ويمكن أن يكون على حق، أن يتصل بسفارة أميركا، ولم نعرف كيف انتهت القصة ولم نعرف إذا انتهت أم لم تنته.

خلاصة البحث نحن كنا ابتدأنا بشيء مهم كثير. كلف لبنان، كلف رئيس لبنان أن يدافع عن القضية الفلسطينية، وهو وحده كلفوه. وقد نجح في هذه المهمة. وأخذ أكبر وفد يمكن أن يأخذه معه. كان تقريباً كل لبنان ممثلاً. إنما مع الأسف كانت الدعاية فاشلة بكل معنى الكلمة، لا جريدة أميركية، لا صحيفة أميركية لا إذاعة أميركية لا تلفزيون أميركا تكلم عنا كما يجب في الوقت الذي أبو عمار تمكن أو جماعته تمكنوا من أن يقوموا بالواجب ونحن، لا أعرف ماذا صار فينا، مثل ما خبرني مرة الله يرحمه إسكندر الرياشي. ويمكن الشيخ بهيج يعرف القصة”.

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *