في التّجريب الصحفيّ(15)

Views: 1

محمّد خريّف*

دعنا من كلام العجائز وحديث الجنائز فاليوم قضينا الصّبحيّة مع الرئيس في قربص الفاتنة الحسناء، هانحن نتأهّب  بعد تناول طعام الغذاء لنلتقي بمدير التشريفات فنفهم من كلامه على وجه الاقتراح لا الأمر بأن الرئيس قرّر في آخر لحظة العودة إلى الحمّامات عن طريق الجوّ لا البرّ، وأنا “محمّدْ  المتلنصي” أدّعي الفهم ولا أفهم شيئا من شيء ، فليس لي إلا أتبع الركب ، فاتجه  مع طاقم سيارة الإذاعة إلى الحمّامات حيث يعود الرئيس بالمروحية  إلى مقر إقامته خلال زيارته إلى الوطن القبلي.

لكن هاهي السيارة تتوقف في الطريق حسب التقريب لا التدقيق في مدخل الحمامات ولعل ذلك يحدث بأمر من  مبعوث الإخبار وفد طلب مني على حين غفلة أن أمسك بالميكروفون ليتكلم هو لا أنا عن رحلة الرئيس إلى قربص منوّها كالعادة بخصال المجاهد الأكبر معلنا مباركا كغيره من المذيعين عهد التحول من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر.

 

هذا وكأني بالمذيع المقدام يريد أن يحتكر لنفسه الحق في زعامة نقل أخبار الرئيس دون غيره من المخبرين ولعلّه الزعيم في ميدانه  ، لكنني والحق لايفال أحسست في الأثناء كأنه رقّ لحالي فأراد أن ينصحني بأن أسعى الى الالتحاق بقسم الأخبار وماأدراك ما قسم الأخبار فلم لاَ؟

والمسألة بيدي سي فلان وصهره فلتان،و لم أتخيّل في ذلك الوقت أني “دُغْف” على هذه الدّرجة، أو أنني كنت “نيّة” على شاكلة الدّراويش المغاويث عندنا حين أبعث بمطلب في الموضوع عملا بالنصيحة وعاقبة النصيحة فضيحة وخل عزاها اسكات وأصبح مطلبي محل تندّر إن لم أقل سخرية فغدا من أوراقي الطائشة الغابرة المهملة ، وقد قُبر على مايبدو إلى يوم الناس،ولم يُقبر معه شرهي أو طمعي في أن أكون مُذيعا مرموقا مثل منير شمّاء ، وعادل يوسف ، و حمادي الجزيري بعد الحصول على الباكالوريا.

 

هذا ولم يخطر ببالي أن أصدّق مقولة المذيع “برّاح” وأنه مضطرّ إلى المرواغة والمراوحة بين الرياء والنفاق حتى لا يتهم بالتطبيل والتزكير وتلك تهمة قد لايقبلها واحد بطال، مزمّرمثلي ، يرغب في الخروج من بوتقة التهميش والتفرفيش ،واللسان المنتن في هذه الحال قد لا يحتاج إلى فطع أو سواك حارّ ، لكن ها  هي نكستي تتكرّر بسبب هذا اللسان قد أذوق به ولا أشمه ، بمناسبة صدور”مقال قصير” نشرته في جريدة الصباح ، بعنوان “آلو” أني أحبّك” و صيغة التعبير فد لا تعجب السّيد والي الجهة،فنبّهني وكأنه ينصحني و لا يهدّدني وأنا أتجاهل أو أحاول أن أبرّر فعلتي ولا من يسمع تبريرا وهو يفول عن طريق الهاتف:” أتعرف من معك، انه الوالي يخاطبك” ” تشرفنا” لا أدري أقلتها له صراحة أم ظلت مكتومة في صدري؟ 

وكأني قلت له تخمينا لايقينا  “إنّ الصحافة تهتم بالمجتمع أيضا إلى جانب الاهتمام بنشاط المسؤول في الجهة،  لكن ها هي نكسة أخرى تلاحقني وانأ مركز عملي بالمعهد الثانوي بنابل بعيدا هذه المرة غير بعيد  عن مركز  الولاية القديمة  بعد أن انتهت مهمتي فيها كمراسل جهوي خاصّ، ولعلها تلك نكسة تذكرني بنكسة الفشل في” التقديم التلفزي في “برنامج نجوم الغد ” فلا أعرف إلى حدّ أسبابها.  

 

المهمّ أن مخرج البرنامج لم يعد على ما يبدو راغبا فيّ ولا في أدائي والحكم القاطع كالكلمة الأخيرة للجنة التحكيم وللأوصياء على الفن كالأوصياء على الإعلام في بلدي ألقاب سلطنة  في غير مملكة،  وأمرهم شورى بينهم والأقربون الثقات أولى بالمعروف من غيرهم ممن لا أكتاف لهم  مثلي … وليس أمامي سوى تحويل الوجهة من شارع الحريّة إلى شارع 9أفريل على أمل الفوز بحبس المعرفة في الكلية وهو سجن لا يبعُد كثيرا عن الحبس الجديد، فهلْ كان دُودة الطيش الصّحفيّ أن تفارق طاسة مخُّي؟ 

 

***

*كاتب من تونس

(https://tjc.org)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *