الحلقة السادسة عشرة من رواية “بَحر” لـ كابي دعبول
*“للصخور أسماء في الضيعة التي أبصرت فيها النور” (أمين معلوف-كتاب “صخرة طانيوس”)
يجلس حنا على صخرته المرتفعة فوق مياه البحر. يتأمّل الشاطئ الصخري وتراكض الأمواج باتجاه الشاطئ. يفرح، يحزن، يبتسم، يبكي، ناظرًا الى الأفق البعيد، يشكو همومه الى البحر، طالبًا منه الإتيان بأمل جديد يطفو على أمواجه المتراكضة نحوه. حتى بات لحنا مع صخرته عشرة وطول رفقة أمّنت له ملاذًا آمنًا لمراجعة الذات والتأمّل. إن أحداث هذه الرواية وشخصياتها من نسج الخيال حتى ولو تشابهت الأماكن والأسماء، غير أن صخرة حنا تبقى الاستعارة الحقيقية الوحيدة الراسخة في هذه الرواية، إذ كم من أمكنة تركنا فيها شيئًا من ذاتنا، مهما ابتعدنا عنها تبقى الملاذ الوحيد لذكرياتنا بحلوها ومرّها…
كابي
(١٦)
نجحت المهمّة أخيرًا وبدأت العائلة تتحضّر للسنة الدراسية المقبلة. وكان حنا يقرأ كلّ يوم على أمّ بحر لائحة الحاجيات التي تمّ تزويدهم بها في المدرسة، من الحقيبة الى الدفاتر وغيرها من لوازم القرطاسية وقد لفت حنا أن “المريول” ليس مطلوبًا في المدرسة، كما لاحظ أخيرًا أنه لا فائدة من التحضيرات طالما أن كل ما هو مُحدّد في اللائحة سوف تقوم المدرسة بتزويد التلاميذ به لقاء الأسعار التي ستحددها الإدارة في وقت التسليم.
وذات يوم أحد حضر حسيب الى القرية لزيارة قريبه حليم، وعرّج على منزل حنا فأخبرته أمّ بحر بأن حنا يصطاد السمك على الشاطئ بواسطة قصبة.
نجح حسيب في الوصول الى حنا، الذي كان يجلس على صخرته العالية فوق مياه البحر يصطاد بقصبته.
فرح حنا بقدوم حسيب وأراد أن يعلّمه قواعد الصيد بالقصبة، غير أن حسيبًا سأله عن إمكانية زيارة منزل الاستاذ رفيق.
⁃لا أعلم ما إذا كان في المنزل.
⁃دعنا نحاول يا حنا.
بعد استراحة قصيرة في دار حنا، حيث بدّل أبو بحر ثيابه وخلع عنه “ثياب الصيد”. قصد الرجلان منزل الاستاذ رفيق.
كان المنزل يعجّ بأبناء القرية المتوافدين لزيارة الاستاذ، وانتظر الرجلان فرصة التحدث إليه، وما أن سنحت الفرصة لهما، عاجلهما الاستاذ بالقول: الى غرفة المكتب.
⁃أأنت صديق حنا إذاً؟ أيّ واحد من الإثنين أنت؟ الرَجعي أم التقدّمي؟
(يتبع غدا)
***
*ملاحظة: إن أحداث هذه الرواية وشخصياتها من نسج الخيال حتى ولو تشابهت الأماكن والأسماء
