الثابت والمتحوّل

Views: 211

أنطوان يزبك

 

هل تبقى المادة والبشر والكون كما هي أم تتبدّل؟

هل حظوظ الناس معلّبة أم قابلة للتغيير؟

هل تنقلب الحظوظ أم أن القدر هو هو لا يحتمل تبديلا؟

منذ بداية نشوء الفكر، ثمّة جدل حول ما هو ثابت وما هو متحوّل، ذلك أن ما نراه ونشعر به يدفعنا إلى التساؤل:  هل سيبقى الكون على ما هو إلى الأبد، أم أن  ثمة تحولات وتبدلات سوف تطرأ وتقلب الأمور رأسا على عقب!؟

لست هنا في جدال بين معتقدات هيراقليطس،ام أرسطو، بل أقرب إلى لعبة انقلاب الحظوظ كما في مسرحيات شكسبير، حين يبدو أن كل شيء يعمل لمصلحة الأبطال وتحلّ الفاجعة في ختام المسرحية قبل انسدال الستارة: “روميو وجولييت” و”هاملت” و”ماكبث” و”حلم ليلة صيف” وغيرها.

بعيدا عن عالم الفن والمسرح والنظريات يبدو عالمنا ألعوبة فاقعة في يد لعبة القدر العمياء الغشماء وما يستتبع من  انقلاب للحظوظ، وكل شيء يبدو  ممسرحا ومتقلًبا على صعيد الدول وصراعاتها والسياسات العالمية.

لكن ما هو دور  البشر في  هذه العجالة؟

من الواضح أنهم أصبحوا خارج اللعبة ومن تبدل حظهم هم الكلاب والقطط والحيوانات، أجل هذا فعلا ما حص ، ففي الحرب العالمية الأولى حين حلّ الجراد في ربوعنا واهلكت المجاعة البشر؛ ذبحوا القطط والكلاب والحمير واغتذوا بلحومها، ولكن في أزمة لبنان الحالية،تعززت القطط والكلاب وجاع الناس وباتت المعلبات غالية الثمن فلم يعد يشتريها أحد،وانتهت مدة صلاحيتها مما اضطر التجار إلى بيعها  من أصحاب القطط والكلاب بأسعار مخفضة فتعززت الحيوانات واكلت مشتهى الآدميين! أجل هذا ما حصل في بلادنا حيث صار الإنسان يحسد الكلاب على معيشتها مع الأسف الشديد!

وأيضا حين عزّ الدواء والعلاج والاستشفاء ومات العشرات لنفاد المال ووسائل العلاج،  زادت الدول المتقدمة في علاج الحيوانات الأليفة خصوصا بعد عودة أصحابها إلى العمل وانحسار موجة الكوفيد ، وأقاموا برنامجا خاصا على التلفزيون لارشاد الناس وتلقينهم أصول التعاطي مع كلابهم وقططهم المهددة بانهيار عصبي، لأنها افترقت عن وليفها وقد اعتادت  حضوره المستمر معها في المنزل!

اعلموا يا قوم أن في هذه البلدان إضافة إلى المستشفيات والفنادق وحتى المياتم الخاصة بالحيوانات الأليفة، ثمة مؤسسات أبحاث علمية متخصصة بأمراض الكلاب والقطط تنفق عليها المليارات أسوة بالمؤسسات العلمية في الميادين الأخرى وصحة وأمراض البشر..

وعليه من ينكر أن ثمة انقلاب حظوظ في هذا الكون ، حين أشتهى الإنسان كسرة خبز أو حبة دواء تخفف، ولو قليلا من آلامه! وفي الوقت عينه تنعم الكلاب والقطط في بلدان أخرى بالرعاية الصحية والقانونية وتأكل ما لذّ لها وطاب..

يقول الفيلسوف بليز باسكال:

علينا أن نشفق على بعضنا البعض. ولكن هناك شفقة تولد من العاطفة، وشفقة تولد من الاحتقار!

وعليه أدعوكم يا أحبائي إلى اختيار نوع شفقتكم!.

Comments: 1

Your email address will not be published. Required fields are marked with *