المجاعة في الحرب العالمية الأولى واليوم … صرخة جبران “مات أهلي” أو عودوا إلى الثورة

Views: 336

سليمان بختي

 

في زمن المجاعة الكبرى في الحرب العالمية الأولى الكبرى (1914-1916) وقف جبران خليل جبران ليشهد كيف يموت أهل لبنان جوعا وقهرا وكمدا في لعبة الأمم.

هناك عوامل متشابهة بين لبنان 1915 ولبنان 2022 (وقد أدت المجاعة الى موت نصف سكان متصرفية جبل لبنان ). وقبل حصول المجاعة يومذاك أقفلت أبواب الرزق. قطعت الأشجار الحرجية والمثمرة وخصوصا أشجار التوت التي كانت مصدر الرزق في صناعة الحرير. وإلى ذلك فساد الإدارة العثمانية وشركائها اللبنانيين والحصار البحري الذي فرض على لبنان، واكتملت الصورة بأن انتشرت أسراب الجراد حتى سمي بعام الجراد. وتم طبع أوراق نقدية بلا تغطية وإجبار الناس على التداول بها.وينقل المؤرخ جورج حنا أن بائع الكعك كان يرفض التعامل بهذه العملة ويقول “نحن لا نقبض شراطيط”.

وقف جبران يمثل صرخة الضمير في وجه العالم وقال:” مات أهلي صامتين لأن البشرية قد أغفلت آذانها دون صراخهم. ماتوا لأنهم كانوا مسالمين. ولم يكونوا مجرمين، ماتوا  وأكفهم ممدودة نحو الشرق والغرب وعيونهم محدقة الى سواد الفضاء. لو ثار قومي على حكامهم الطغاة، وماتوا جميعا متمردين، لقلت أن الموت في سبيل الحرية لأشرف من الحياة في ظل الإستسلام. لكن لم يمت أهلي متمردين…ماتوا جوعا في الأرض التي تدر لبنا وعسلا، لأن الثعبان الجهنمي قد إلتهم كل ما في حقولهم، من المواشي، وما في إهرائهم من الأقوات. ماتوا لأن الأفاعي أبناء الأفاعي فقد نفثوا السموم في الفضاء الذي كانت تملؤه أنفاس الأرز وعطور الورد والياسمين”. (كتاب العواصف) “مات أهلي”.

عندما قرأت هذا النص خفت وأرتجفت وقلت هل يمكن أن يتكرر ما حصل في الأمس اليوم. وكل المؤشرات تفضي الى الأصعب والأقسى والأشد مضاضة. وأذكر أننا سمعنا أصواتا تنادي في بداية الأزمة تقول:” تمونوا تمونوا المجاعة جاي”. وأيضا “ازرعوا حول المنزل، ازرعوا على الشرفات”. هل كانوا يعرفون ماذا صنعت أيديهم ؟ وإلى أين يأخذون الناس ؟ هل كانوا يعرفون أن كيلو البندورة في بيروت سيصل إلى 35 ألف؟  

لاحظ جبران أن الأحرار يثورون أما غيرهم فيموتون مستسلمين لجور الطغاة. وإن الموت في سبيل الحرية اشرف من الحياة في انتظار الموت. والأغرب ها هم في الانتخابات اليوم يرفعون صور الذين قتلوهم ونهبوا جنى أعمارهم وهجروا أولادهم وصنعوا لهم المصير الذليل والبائس المظلم.

صرخة جبران لا تزال صالحة وجديرة ومشروعة بالأمس واليوم وغدا.

عودوا الى الثورة تعودون إلى الحقيقة والحياة والحرية والكرامة. 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *