الحلقة الحادية والعشرون من رواية “بَحر” لـ كابي دعبول

Views: 499

 

*“للصخور أسماء في الضيعة التي أبصرت فيها النور (أمين معلوف-كتاب “صخرة طانيوس”)

 

يجلس حنا على صخرته المرتفعة فوق مياه البحر. يتأمّل الشاطئ الصخري وتراكض الأمواج باتجاه الشاطئ. يفرح، يحزن، يبتسم، يبكي، ناظرًا الى الأفق البعيد، يشكو همومه الى البحر، طالبًا منه الإتيان بأمل جديد يطفو على أمواجه المتراكضة نحوه. حتى بات لحنا مع صخرته عشرة وطول رفقة أمّنتا له ملاذًا آمنًا لمراجعة الذات والتأمّل. إن أحداث هذه الرواية وشخصياتها من نسج الخيال حتى ولو تشابهت الأماكن والأسماء، غير أن صخرة حنا تبقى الاستعارة الحقيقية الوحيدة الراسخة  في هذه الرواية، إذ كم من أمكنة تركنا فيها شيئًا من ذاتنا، مهما ابتعدنا عنها تبقى الملاذ الوحيد لذكرياتنا بحلوها ومرّها…

كابي

 

 (٢١)

في مدخل مبنى المطبعة لاحظ حنا وجود هاتف على مكتب عامل الاستقبال، فاستأذنه بإجراء مكالمة هاتفية.

اتصل حنا بمكتب الاستاذ رفيق وأخبره بأنه يتحدث من هاتف مطبعة في العاصمة. فوجئ الاستاذ رفيق بمجيء حنا الى العاصمة واستفسر منه عن سبب مجيئه.

   ⁃     لا تترك مكانك يا حنا سوف أرسل من يحضرك إلي.

انتظر حنا طويلاً قبل أن يقابل الاستاذ رفيق المنشغل باستقبال الوافدين الى مكتب النائب حيث يعمل. لكن الاستاذ رفيق كان يأمر له بفنجان قهوة كلّما شعر بأن انتظار حنا له قد طال.

وفي السادسة مساءً خرج الاستاذ رفيق من غرفة مكتبه مرحبًّا بحنا. وبادره بالقول: ما زلت تفاجئني يا حنا… تأتي الى العاصمة من دون علمي.

   ⁃     في الحقيقة يا أستاذ رفيق لا أعلم ماذا أقول لك، لقد تأخّر الوقت وكان عليّ أن أبحث عن فندق صغير أقضي فيه ليلتي فغدًا صباحًا عليّ الذهاب الى المطبعة لأخضع لاختبار تقني.

   ⁃     لماذا جئت الى العاصمة يا حنا؟ كلامك لم  يقنعني. هل تهرب من أمر ما في عاصمة المحافظة؟

   ⁃     في الحقيقة إن السبب الاول لمجيئي هو فرصة العمل الأفضل، والدخل الأعلى، والحقيقة أنني وجدت نفسي محاصرًا بالسياسة ومشاكلها هناك.

   ⁃     ألم أنصحك بالابتعاد عن السياسة يا حنا؟

   ⁃     وهذا ما أقوم به فعلًا.

   ⁃     وماذا عن العائلة؟

   ⁃     عليّ أن أحصل على الوظيفة أولاً وأن أتمكن من تسديد القسط لمدرسة بحر من دون تأخير. أنا أقوم بكل هذا من أجل ولدي الوحيد.

   ⁃     وفقّك الله يا حنا. ولكن كُن على حذر. لن تغيب السياسة عن العاصمة، وسيبقى هذا الجدل قائمًا في كل مكان فيها. ابتعد عن السياسة قدر المستطاع واعمل واجتهِد، قد تمنحك العاصمة فرصة أكبر في الحياة ولكنها تستطيع أن تأخذ منك الكثير. صدّقني يا حنا قد لا تقف المشاكل هنا على أعتاب السياسة فقط. والآن قُم بنا.

   ⁃     الى أين؟ الى الفندق؟

   ⁃     أتنام في أحد فنادق العاصمة يا حنا وابن قريتك يسكن فيها؟

(يتبع)

***

*ملاحظة: إن أحداث هذه الرواية وشخصياتها من نسج الخيال حتى ولو تشابهت الأماكن والأسماء

 

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *