الحلقة الثامنة والعشرون من رواية “بَحر” لـ كابي دعبول

Views: 99

*”للصخور أسماء في الضيعة التي أبصرت فيها النور” (أمين معلوف-كتاب “صخرة طانيوس”)

 

يجلس حنا على صخرته المرتفعة فوق مياه البحر. يتأمّل الشاطئ الصخري وتراكض الأمواج باتجاه الشاطئ. يفرح، يحزن، يبتسم، يبكي، ناظرًا الى الأفق البعيد، يشكو همومه الى البحر، طالبًا منه الإتيان بأمل جديد يطفو على أمواجه المتراكضة نحوه. حتى بات لحنا مع صخرته عشرة وطول رفقة أمّنتا له ملاذًا آمنًا لمراجعة الذات والتأمّل. إن أحداث هذه الرواية وشخصياتها من نسج الخيال حتى ولو تشابهت الأماكن والأسماء، غير أن صخرة حنا تبقى الاستعارة الحقيقية الوحيدة الراسخة  في هذه الرواية، إذ كم من أمكنة تركنا فيها شيئًا من ذاتنا، مهما ابتعدنا عنها تبقى الملاذ الوحيد لذكرياتنا بحلوها ومرّها…

كابي

 (٢٨)

 

استحصل حنا على إفادة ترك العمل، وراح يجهّز نفسه للانتقال الى العاصمة بعد أن أبلغ إدارة المطبعةالحديثة برغبته في الالتحاق بالعمل في أسرع وقت ممكن.

في مساء ذلك اليوم الربيعي ذهب حنا الى منزل حليم، صديق ذكريات الطفولة في القرية التي آن الأوان لتركها.

في الحقيقة يا حليم جئت أشكرك على كل ما فعلته لي في السنوات الماضية.

ماذا تقول يا رجل؟ نحن كنا كالأهل وسنبقى.

سأشتاق إليك والى مقعدي في البوسطة. كم كانت جميلة رحلة كل يوم الى المدينة والعودة منها.

مع أنّك كنت تعود مع غيري أحيانا.

كان ذلك وفقًا لدوامات العمل. في العاصمة لست بحاجة الى المواصلات للذهاب الى العمل فأنا سأسكن مبنى المطبعة حيث أعمل.

“دير بالك عَ حَالَك يا حنا” ستكون في غربة هناك.

أعرف ذلك وعلى الله الاتكال. الابتعاد عن بحر وأمه لن يدعني أعيش من دون قلق.

لا تقلق بحر وأمّه في عينيّ يا حنا. سوف أرسل زوجتي لتتفقدهما بصورة دائمة. لا تقلق.

شكرا يا حليم.

والبحر الآخر. “مش رَح تاخدو مَعَك”؟

(يتبع غدًا)

***

*إن أحداث هذه الرواية وشخصياتها من نسج الخيال حتى ولو تشابهت الأماكن والأسماء

 

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *