الحلقة التاسعة والعشرون من رواية “بَحر” لـ كابي دعبول

Views: 344

 

*”للصخور أسماء في الضيعة التي أبصرت فيها النور” (أمين معلوف-كتاب “صخرة طانيوس”)

 

يجلس حنا على صخرته المرتفعة فوق مياه البحر. يتأمّل الشاطئ الصخري وتراكض الأمواج باتجاه الشاطئ. يفرح، يحزن، يبتسم، يبكي، ناظرًا الى الأفق البعيد، يشكو همومه الى البحر، طالبًا منه الإتيان بأمل جديد يطفو على أمواجه المتراكضة نحوه. حتى بات لحنا مع صخرته عشرة وطول رفقة أمّنتا له ملاذًا آمنًا لمراجعة الذات والتأمّل. إن أحداث هذه الرواية وشخصياتها من نسج الخيال حتى ولو تشابهت الأماكن والأسماء، غير أن صخرة حنا تبقى الاستعارة الحقيقية الوحيدة الراسخة  في هذه الرواية، إذ كم من أمكنة تركنا فيها شيئًا من ذاتنا، مهما ابتعدنا عنها تبقى الملاذ الوحيد لذكرياتنا بحلوها ومرّها…

كابي

(٢٩)

 

في طريقه الى العاصمة كان حنا ينظر من شباك الباص الى البحر. فالطريق الى العاصمة  طريقساحلية محاذية للشاطئ. كان حنا يحاول أن يُشبع نظره من منظر البحر والأفق وقد دبّ فيه الحنين منذتلك اللحظة  الى صخرته البحرية.

في الساحة المركزية للعاصمة نزل حنا من الباص حاملاً “شنطة” متوسطة الحجم جمع بداخلها ملابسهوبعض حاجياته، وتوجه مباشرة الى مكتب الاستاذ رفيق ليُعلمَه بانتقاله الى العاصمة.

-أهلا وسهلا بك يا حنا. يبدو أن الأمور قد سارت على ما يُرام كما علمتُ من الرسالة التي تركتها لي.

-الحمدلله يا أستاذ.

-متى ستلتحق بمركز العمل يا حنا؟

-اليوم أو غدًا على الأكثر.

-تعال معي سوف نذهب لتناول طعام الغذاء في مطعم قريب من الشاطئ بالقرب من الساحةالمركزية. دَع الشنطة هنا.

-وهل يصل البحر الى العاصمة؟

ضحك الاستاذ رفيق مطوّلاً ومن ثمّ اصطحب حنا معه الى مطعم على شاطئ العاصمة.

-أيعجبك السمك المقلي يا حنا؟ أم أنك تفضل السمك الذي كنت تصطاده في بحر القرية؟

-إنها المرة الأولى. فأنا لم أذق سمكًا في حياتي غير السمك الذي كنت أصطاده بنفسي.

–ولكن لم تقل لي رأيك. 

-أنا أجد أن السمك الذي نأكله جيّد. “بَس مِتِل سمكة بَحِرنا ما في”.

-عظيم هذا التحيّز لبحرِك يا أبا بحر.

-إنه بحرُنا يا إستاذ رفيق لم يبخل علينا بخيراته  أبدًا.

ودّع حنا رفيقًا وتوجّه الى مكان عمله الجديد. فوجد المطبعة مقفلة وبعد البحث علم من الناطور أن الطابقالذي يحتوي على غرف العمال يمكن الوصول إليه عبر درج خارجي، فاستلم مفتاح الغرفة وصعد الىغرفته حيث سكنه الجديد.

(يتبع)

***

*إن أحداث هذه الرواية وشخصياتها من نسج الخيال حتى ولو تشابهت الأماكن والأسماء.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *