جورج شامي (1931-2022)… في الصحافة والأدب قامة باسقة مبدعة عصية على النسيان

Views: 549

سليمان بختي

رحل عن عالمنا الروائي والقاص والصحفي جورج شامي (1931-2022) بعد صراع طويل مع المرض.

ولد في الأشرفية من أبوين رقيقي الحال وتعود جذور العائلة إلى قيتولي- جزين.

درس الإبتدائية في مدرسة مارمارون الخيرية وأنهى دروسه الثانوية  في مدرسة الحكمة 1949 بفضل منحة من المطران اغناطيوس مبارك لتميزه واجتهاده.

بدأ العمل في الصحافة عام 1951 من بوابة “النهار” (مصححًا بإشراف لويس الحاج) ومنها إلى “صدى لبنان ” و”الشراع” و”الحياة” و”العمل” و”الرأي العام الكويتي” و”الاقتصاد اللبناني والعربي” و”الحسناء” و”الأسبوع العربي” و”الأنوار” و”الوطن العربي” (باريس) و”المشهد السياسي” (لندن).

وتقلب في المناصب بين مديرا للتحرير أو رئيسا للتحرير أو مستشارا للتحرير.

دخل السجن عام 1965 وسجن لمدة شهر بصفته مديرا مسؤولا لجريدة “الحياة”.

عين رئيسا لتحرير “الوكالة الوطنية للأنباء” (1971- 1977) وعين مديرا لكلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية (1977-1982) ودرّس مادتي الإنشاء الإعلامي والإخراج الصحافي.

تعرض للاغتيال عام 1987 في مكتبه في كلية الإعلام على يد حزبي يميني ونجا بأعجوبة.

له العديد من المؤلفات والقصص ومنها:” النمل الأسود” 1955 و”ألواح صفراء” 1959 و”أعصاب من نار” 1963 و”زهرة الرمال ” 1963 و”لماذا يا أخي” نشيد 1977 و”أبعاد بلا وطن” قصص 1977 “وطن بلا جاذبية” 1979 و”ثورة الذات أو البناء طريق التغيير” 1980 و”قاديشات ألوهو ” 1998 و”عاشقة بألوان قوس قزح” 2000 وفي الرواية “ماذا بقي من القتال” 2003 و”أول الذهب” 2002 و”عصير الزنزلخت” 2008 و”ذكريات عارية ” 2010 و”إذا نطقوا …علامات فارقة” 2012 و”زمن الحداثة ”  و”قصتي مع منح الصلح” 2014 و”كلب النافذة ” 2014 وكتاب شعر بعنوان “زورق على شاطئ الإنتحار” ومسرحية بعنوان “قلوب شجاعة” 2014 و”صلاة مزامير في هيكل متداع ” 2014 و”أغمار من المودات في زمن الجحود ” 2015 “في قفص الإتهام ” 2015 “إنطباعات سوريالية بين أزرقين ” 2016 و”مطلات رمادية ” 2016 و”الحلم والحنين في الذاكرة الحدباء” 2016 “سمك لبن تمر هندي” 2017 “رواية طويلة في سيرة عادية” 3 أجزاء -ذكريات 2018 . “المحارة الباكية” رواية 2020 وآخر ما كتبه كان بالفرنسية وعنوانه “جورج شامي الثائر والمتمرّد” 2021  . وكان يعمل على كتابين: قصص قصيرة ومقتبسات نقدية قبل أن تضعف الهمة ويفتك به المرض.

 

ساهم بترجمة كتاب “حضارتنا على المفترق” لرينيه حبشي، منشورات الندوة اللبنانية 1960. وترجم له المستشرق الفرنسي ميشال باربو 4 قصص الى الفرنسية 1962 ونشرت في مجلة “أوريان”. وترجم له الى الألمانية قصة “وشرحنا لك صدرك” 1967. نوه بأدبه المستشرق الفرنسي فنسان مونتاي في محاضرته “الأدب العربي المعاصر”. وذكره الأب سليم عبو في أطروحته للدكتوراه بعنوان “إزدواجية العربية والفرنسية في لبنان” .

كتب عن أدبه العديد من رسائل الماجستير و أطروحات الدكتوراه عدا المقالات الصحفية والدراسات النقدية. ومنها كتاب لأنطون يزبك بعنوان “جورج شامي والمسّ الجمالي” وكتاب لكلود أبو شقرا بعنوان “ثائر يزرع الأمل” (إضاءات ملونة على فكر جورج شامي). 

كرمته ندوة “الإبداع” 2004 وكذلك الحركة الثقافية – أنطلياس 2011 وإختارته مدرسة الحكمة خطيبا كأحد المتخرجين في يوبيل 140 سنة.

كان جورج شامي أحد أعضاء حلقة الثريا (1952-1960) طوال ثماني سنوات، وسكرتيرا للندوة اللبنانية (1960-1962) وعضو المجمع العلمي لمدرسة الحكمة 1994.

أقام في باريس بين 1985 و1991 وhكتسب الجنسية الفرنسية وhنتقل إلى لندن 1994-2001.

كتب عنه أنسي الحاج ” لماذا الإنسان مهدد دائما في قصص جورج شامي؟ لماذا هو خائب حتى في نجاته؟ لماذا هو مشروع مخنوق؟ لأن جورج شامي قصاص معاصر. أي لأنه هو نفسه في أبطاله في قلق العصر”.

وكتب خليل رامز سركيس “قصتك “ماذا بقي من القتال” قصة الوطن الذي لا يستحقه إلا القليلون…إنها عندي من أفضل ما ألف. لكأنها من لحم شعبنا ومن دمه، ومن نفحات روحه ولفحاتها، على معللات لحمة في بلايا تمزق وإحباط”. و كتبت غادة السمان على ما كتبه من قصص في باريس ووصفته أنه مازال أستاذا في مدرسة القصة القصيرة جدا. ومن خصائص جورج شامي بحسب أنطوان رعد أنه يمعن في التكيف والإختزال حتى تشبه القصة بطاقة بريدية ونقلته النوعية هي على غرار ما حققه شعر الهايكو عند اليابانيين. ويكتب سمير عطاالله ” أنه ليس قاص وليس أديبا ولا شاعرا كما قيل عنه.. لقد نزع عن نفسه جميع هذه الهالات ليعمل دليلا للمآسي و”صندوق فرجة”. قل أن جورج شامي سيد من أسياد القصة الإنسانية”.

hشتركنا معا في عدة ندوات ومناسبات ثقافية. يحمل الهم والعبء وبنفس الوقت المشاريع الجميلة التي تزهر كتبا. دعم العديد من الكتب وطلب إلي أن لا أبوح بشيء. هذه الغيرية نادرة في بلادنا.

كان يعرف أن بين الأدب والحياة كلمة شفافة وهكذا كان يقتطف المشاهد الحية ويسكبها قصصا قصيرة في صفحة أو صفحتين. آمن بالكلمة وبالثقافة سبيلا للتقدم والتغيير. وظل يكتب حتى آخر سطر. أعطى حتى آخر الرمق وآخر الوتر ولبث يستمد المعنويات العالية من الصداقة والحلم والحب. وهمس لي غير مرة :”حين نشعر بhقتراب الموت ندرك قيمة الحياة”.

كان خوفه على لبنان ياكل في صحنه.

نودع مع جورج شامي زمنا طيبا في الصحافة والثقافة والأدب وذاكرة مضيئة وقامة باسقة مبدعة عصية على النسيان.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *