ولادة الصحافة اللبنانية وأعظم إشراقات الزمن الجميل

Views: 550

المحامي معوض رياض الحجل

كانت الصحافة وستبقى رمزا من رموز نهضة لبنان، ومنبر حضارته وحداثتهِ وأولى مؤسسات الفكر والرأي والتعبير الحر، فقد مثلت ولا تزال تُمثل بالرغم من الظروف الصعبة التي يمر بها بلدنا الحبيب لبنان، رمز الحضور اللبناني في العالم.

كانت الصحافة اللبنانية منذُ فجر نشأتها مع خليل جبرائيل الخوري سنة 1858 وهو العام الذي أصدر فيه جريدتهُ “حديقة الاخبار” أهم منابر التعبير الشفاف والمُبدع عن الثقافة العربية والاسلامية عامة، وأهم وسائل الاعلام والتواصل مع الجماهير العربية والغربية.

 

التفجّر الصحافي

يُدهش المُتابع الدقيق للمسار التاريخي للصحافة للبنانية ولتطورها السريع لهذا التفجر الصحافي الذي قام بهِ اللبنانيون في لبنان والعالم العربي، من المُحيط إلى الخليج، وفي المهاجر الاميركية الشمالية والجنوبية.

إن أي مُحاولة للتأريخ للفكر العربي عامة وللثقافة اللبنانية والاشعاع الفكري اللبناني خاصة، تكون مشوهة بل ناقصة إن لم تهتم الاهتمام الكافي بالحديث عن الدوريات التي أصدرها اللبنانيون، في لبنان والخارج، سواء في العالم العربي أو في أوروبا وأميركا.

يهمنا التركيز على الدوريات الثقافية التي تهتم بالفنون والعلوم والآداب والدراسات والابحاث. من هذهِ الدوريات الثقافية، الدوريات الدينية، فهي عديدة وبعضها من أقدم الدوريات التي انتشرت ليس في لبنان فحسب، بل أيضاً في العالمين العربي والاسلامي، كالنشرة الاسبوعية التي أصدرها المُرسلون الاميركيون في بيروت عام 1863 بإسم: “أخبار عن أنتشار الانجيل في العالم العربي”. وقد عرفت بعض هذه الدوريات الثقافية الدينية أنتشاراً واسعاً في العالم شرقاً وغرباً، كالمشرق (1898) والعرفان (1910) والمسرة (1911) والمنار (1898 – 1939) والبشير (1870 – 1945). 

لقد كان للصحافة اللبنانية، في الوطن والمهجر، أنبثاق أو تفجر هائل، وتجل مشع، لأنها قامت على أكتاف جبابرة وسعة عقول نيرة صقلها الأدب والتهذيب العالي والعلم المُستبحر. 

تاريخ حافل بالامجاد

ويمكن أن نرى في تاريخها الحافل بالامجاد، ثلاث مراحل أساسية مرت بها، أولها مرحلة التأسيس أو مرحلة الأمجاد مُمثلة بـــ: “حديقة الاخبار”، و”النفير” و”لسان الحال” و”ثمرات الفنون” و” البشير” و”المشرق” و”بيروت”، في لبنان، و”المُقتطف” و”المُقطم” و”الهلال” و”البصير” و”الجوائب” و”القاهرة” في مصر و”الهدى”  في أميركا الشمالية. والثانية هي مرحلة الترسيخ أو مرحلة الاستشهاد كما يقول فاضل سعيد عقل المُمثلة بجريدة “الراصد”، و”الارز” لصاحبيها فيليب وفريد الخازن، و”الاتحاد العثماني” و”الاصلاح” للشيخ أحمد حسن طباره. وأما المرحلة الثالثة فمرحلة الجهاد المُتناوحة بين الجهاد والاستعباد.

لم يترك الصحافي اللبناني مكاناً على سطح الارض الا وزرعَ فيهِ أسم لبنان وفكر بلادهِ وثقافتهِ، ولم يترك موضوعاً الا خص بهِ جريدة أو مجلة. وقد كشفت الابحاثأن هنالك أكثر من 1000 دورية لبنانية بين جريدة ومجلة أصدرها اللبنانيون، منذ العام 1929، وهو التاريخ الذي وقف عندهُ الفيكونت دي طرازي عندما أرخّ للصحافة العربية، ولا ذكر لها البتة في كتابه المذكور. 

 

نهضة أدبية غير مسبوقة

أما الارث الفكري العريق فتشهد عليه أمجاد بُنيت عليها الصحافة اللبنانية فخلقت أسماؤها نهضة أدبية غير مسبوقة يوم كان الصحافي نتيجة أختمار الادب وخلاصة الفكر الصافي الراقي يوم كان هذا الصحافي يُسمى: بطرس البستاني، وسليم بطرس البستاني، وابراهيم اليازجي، وسليم تقلا، وخليل جبرائيل الخوري، ويعقوب صروف، وفارس نمر، وفرح انطون، وأحمد فارس الشدياق، وعبد القادر القباني، وأديب اسحق، وخليل سركيس، وسليم سركيس، ويوم كان المُحررون والكتاب الصحافيون: الشيخ ابراهيم الاحدب، والشيخ يوسف الاسير، والشيخ عبد القادر القباني، والشيخ احمد عباس الازهري، ومحيي الدين الخياط، وحسين بيهم، وابراهيم سليم النجار، وأسعد خليل داغر، ومحيي الدين النصولي، وبطرس سليمان البستاني، وكرم ملحم كرم، وميشال ذكور والشيخ رشيد الشرتوني، ونجيب حبيقة، والشيخ مصطفى الغلاييني، والاب لويس المعلوف، وعيسى اسكندر المعلوف، ونعوم مكرزل.

أما نقابة الصحافة الاولى، فقد ولدت في منزل خليل سركيس عام 1919، وتولى رئاستها يومذاك، رامز سركيس، ثم جدد أنتخابهُ في أجتماع دعا اليه حبيب سليم البستاني في فندق رويال اثر خلاف على تحديد صلاحيات الرئاسة بين أعضاء اللجنة التي تألفت برئاسة بولس الخولي لوضع نظام النقابة التأسيسي. وفي العام 1924، تولى رئاسة النقابة المرحوم وديع عقل وجدد لهُ عام 1928، وفي عهدهِأسست النقابة ناديها في القصر البلدي. وقد توالى على رئاستها بعدهُ: بشاره عبدالله الخوري المعروف بالاخطل الصغير وجبران التويني وخليل كساب، ومن ثم توقفَ نشاط النقابة من عام 1938 إلى 1942، إذ نشأت نقابة أصحاب الصحف، وتولى وظائف في أعمدتها: ميشال زكور، خير الدين الاحدب، جبرائيل خباز، ومحمد الباقر، وكرم ملحم كرم، ونجيب اليان، وكميل يوسف شمعون، ومحيي الدين النصولي، وزيدان ضاهر زيدان.

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *