الحلقة الخامسة والثلاثون من رواية “بَحر” لـ كابي دعبول

Views: 11

*”للصخور أسماء في الضيعة التي أبصرت فيها النور” (أمين معلوف-كتاب “صخرة طانيوس”)

 

 

يجلس حنا على صخرته المرتفعة فوق مياه البحر. يتأمّل الشاطئ الصخري وتراكض الأمواج باتجاه الشاطئ. يفرح، يحزن، يبتسم، يبكي، ناظرًا الى الأفق البعيد، يشكو همومه الى البحر، طالبًا منه الإتيان بأمل جديد يطفو على أمواجه المتراكضة نحوه. حتى بات لحنا مع صخرته عشرة وطول رفقة أمّنتا له ملاذًا آمنًا لمراجعة الذات والتأمّل. إن أحداث هذه الرواية وشخصياتها من نسج الخيال حتى ولو تشابهت الأماكن والأسماء، غير أن صخرة حنا تبقى الاستعارة الحقيقية الوحيدة الراسخة  في هذه الرواية، إذ كم من أمكنة تركنا فيها شيئًا من ذاتنا، مهما ابتعدنا عنها تبقى الملاذ الوحيد لذكرياتنا بحلوها ومرّها…

كابي

 

(٣٥)

 

في طريقه الى القرية كان حنا يصلّي لكي يكون الأمر على ما يُرام. فالقرار الذي سيتّخذه بحر سيحددخارطة طريق الأيام المقبلة.

وصل حنا الى القرية فوجد ولده جالسًا على صخرة الشاطئ يتأمّل في البحر الذي حمل اسمَه. وعندمشاهدته والده مقبلاً عليه ركض باتجاه الطريق البحرية المحاذية للشاطئ الصخري وعانقه.

-اشتقت إليك يا أبي. ألم تعرِّج على الدار قبل المجيء الى الصخرة. (https://hippainhelp.com/)

-كنت بحاجة الى التأمل والاختلاء بنفسي قبل الذهاب الى الدار.

-لا تَخَف يا أبي. أعلم ما يقلقك.

-ما يقلقني!!

-نعم. ألا تعلم أنّني كنت ولا أزال أفكّر بكل التضحيات التي قمت بها من أجلي. تركتَ العمل مع أخيكفي البحر، وذهبت الى المدينة تعمل لدى الغرباء لتتعلّم مهنة جديدة بعيدًا عن البحر الذي تحبّه الىدرجة إطلاق اسمه على ابنك الوحيد، ومن ثمّ ذهبت الى غربتك ووحدتك في العاصمة تكافح من أجلتأمين العلم لي. لقد فعلت كل ذلك من أجلي ومن أجل  أن تمنحني فرصة الدراسة في مدرسةخاصة. لم تشأ أن أذهب الى مدرسة القرية حيث تعلّمتَ أنت. بعد كلّ هذه التضحيات آن الأوان كيأضحّي أنا، لقد قررتُ الذهاب الى الجامعة الوطنية وهذا ما توصلت إليه هنا على هذه الصخرةحيث علّمتني أن أتأمّل وأفكّر فأقرّر.

أجهش حنا بالبكاء وحضن بحرًا. أحسّ به كأنّه أوسع من البحر الذي يحمل اسمه.

(يتبع)

***

*إن أحداث هذه الرواية وشخصياتها من نسج الخيال حتى ولو تشابهت الأماكن والأسماء

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *