ماذا يعني تطويب الأبوين توما صالح وليونار ملكي؟

Views: 277

أنطوان يزبك

 من يبحث عن المعاني في صبيحة الرابع من حزيران 2022، سيجد حكما الكثير الكثير منها ،كما سيكون له محطات تأمل مع الله ومع الذات في لحظة سكينة وهدوء متصالحا مع الرب الخالق ومع الكون والطبيعة التي يسكنها، كذلك سيجد ان الله قد أفتقد شعبه ولا ريب ، ذلك أن الخير كان وسيبقى عنوان البرّ لخلاص الأنفس، وتحديدا في شق الطريق أمام البشرية لكي ترتقي إلى الملكوت من خلال عيش النعم الإلهية وسلوك دروب البرارة .

 الله محبة ومن يثبت في المحبة فقد ثبت في الله وثبت فيه (1يوحنا16:4) .

هذا ما فعله الأبوان توما وليونار عن قناعة وتسليم إذ  ثبتا في الله ، لم يعبآ بالبعد والنفي وظروف الحياة الصعبة ، بل على العكس استسلما للمشيئة الإلهية بكل رحابة صدر وامتنان ومحبة وصولا إلى الموت والاستشهاد في الحرب العالمية الأولى ، حرب مات فيها الملايين ظلما وجورا، ذهبوا ضحايا لعبة الأمم وجنون الحكام وسلاطين الدول واطماعهم ، كما هي الحال اليوم وفي كل زمان ومكان ، منذ بداية البشرية! ..

ولكن وعلى الرغم من كل هذه الآلام والعذابات الشديدة ، حافظ، الأبوان على محبة المسيح الحي كقبس من نور وسط الظلام، من خلال اعمالهما البسيطة في الخدمة ولكن المفعمة بالمحبة والتضحية، عملا بقول القديسة تريزيا الطفل يسوع : “تذكروا أن ما من شيء صغير  في عيني الله، افعلوا كل ما تقومون به بمحبة”.

هذا ما فعله الأبوان توما وليونار ، تدفقت المحبة في اعمالهما وبقيا إلى جانب المعذبين ونالا الشهادة بكل تسليم ورحابة صدر، مكملين سفر الرهبنة الكبوشية العظيمة، على خطى القديسين : فرنسيس الاسيزي ، انطونيوس البادواني، ماكسيمليان كولبي، بادري بيو، أبونا يعقوب… هؤلاء يختصرون في سيرتهم كل التعاليم المسيحية وكل رحمة الله اللامتناهية…

 أما عن معنى الشهادة في المسيحية، فهي امثولة عن الحياة الحقة التي تنشد القداسة،  تبدأ من  لحظة الموت الجسدي الذي نظنه نهاية،  فيما  هو ليس سوى موت المادة من دون الروح ، يقول القديس قبريانوس الشهيد: “فبالموت ينتقل البتولين بسلام وأمان ، في مجد غير خائفين من تهديدات من هم ضد المسيح ولا من مفاسدهم  أو شرهم”.

هنا يكمن جوهر أمثولة الأبوين توما وليونار، وما قدما روحيهما من اجله !

واليوم، بعد أكثر من مائة عام على استشهادهما، وقد سبقانا إلى جمال التنعم برؤية وجه ربنا الطوباوي، نطلب  شفاعة أهل السماء، وكم نحن بحاجة إليها ، في زمن تفاقمت فيه العلل النفسية والاسقام الجسدية والمشاكل الإنسانية وتعقيدات الحياة ومتطلباتها،  طالبين رحمة في زمن عزت فيه البساطة ونقاوة القلوب وصارت المحبة نادرة ..

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *