أبعاد التعفّف

Views: 286

خليل الخوري

استشارات الرئيس المكلّف في ساحة النجمة اليوم ليست مُلزمة… وأكثر ما يدعو إلى التأمل فيها إعلان بعض الكتل، وحتى النواب غير المنضوين إلى تكتلات وتجمعات، أنهم سيسألون الرئيس المكلف عن نوع الحكومة التي ينوي تشكيلها. والواقع أن العكس صحيح، وهو أن الرئيس المكلف هو الذي يسألهم، وإن كان غير مُلزَم بالأخذ بما يدلون به أو يقترحونه عليه.

واللافت هو «الموضة» الجديدة بالإعلان عن عدم المشاركة في الحكومة، وهذا ما استبق الاستشارات، بشقيها في القصر الجمهوري والتي ستُجرى اليوم وغداً في المجلس النيابي… واللافت أكثر أن الذين يقولون بالاستنكاف هم المتحدّثون بأسماء كتلٍ وازنة، كالجمهورية القوية ولبنان القوي واللقاء الديموقراطي وسواهم. فهل سيكرر هؤلاء هذا الموقف في الاستشارات اليوم وغداً أمام الرئيس ميقاتي أو تراهم سيبدّلونه، ولو بالتلطي وراء شروط معينة (سنشارك إذا لبّى الرئيس المكلّف شروطنا التي أودعناه اياها!)؟.

لا شك في أن المشاركة في السلطة هي هدف مركزي في الديموقراطيات كلها، إلّا أن النظر الى المسار الحكومي في لبنان ينطلق هذه المرّة من حسابات مختلفة:

أولاً – «القصة ما عادت حرزانة» على ما قال رئيس إحدى الكتل النيابية البارزة. فالمسألة أربعة أشهر وحسب.

ثانياً – ليس في الأفق ما يشي بأن ثمة احتمالًا لتشكيل حكومة خلال هذه الأشهر الأربعة… فلماذا السعي وراء موقع وزاري ليس وارداً؟.

ثالثاً – باستثناء الثنائي الشيعي (الذي لديه حسابات معروفة تؤكد على أهمية قيام حكومة حصته محفوظة فيها) ليس هناك حماسة ملحوظة من أي طرف آخر…

رابعاً – هل الأمر من هذا «التعفف» مرتبط فقط بصعوبة (وربما تعذّر) تأليف الحكومة، أو أن ثمة أهدافاً أبعد بأشواط؟!.

خامساً – وليس سرّاً أن هناك أفكاراً متداولة على نطاق واسع لدى أطراف عدة، وبين بعضها والبعض الآخر تدور حول مستقبل النظام في لبنان، وأن ثمة مساعيَ لقيام نظام بديل لم تتبلور صورته نهائياً في الرؤوس، أو بالحري لم تأتِ الموافقة عليه بعد من أصحاب القرار والضغط في الخارج… وفي تقدير أصحاب الرؤوس الحامية أن الفراغ القاتل، المتوقع في رئاسة الجمهورية بعد الجنرال ميشال عون، من شأنه أن يُشكّل أرضية خصبة للنظام المرتَجى ولو بولادة قيصرية مؤلمة، (من دون بنج) يختلط فيها حابل الداخل بنابل الخارج.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *