جورج طرابلسي ابن الحياة

Views: 199

أ. نعيم تلحوق

جورج طرابلسي… لماذا تكتم غيظك كلما تعرّبست الأخلاق. بكُمّ الواجفين الفاسدين فتجعلنا أسرى الهوى…؟

ولماذا شئت أن تكون مسيحاً يحمل السوط ويضرب به أقفية المنافقين الذين دنّسوا الهيكل ليجعلوا منه طوطماً لأفكارهم النتنة وخساستهم الوقحة…

لماذا إذاً تحبُ بلا تكلُف أو عناد، القبيح قبل الجميل…المسيء قبل البريء القاتل قبل القتيل..أولست مسيحاً تكون … وهم لا يدركون…

قبل مكاشفة الوجه عرفتك عبر رسائل بريدية من مواطن شغوف بالمعنى إلى رئيس صفحة في جريدة… كنّا نتحاور عن الهوية والقتل المجاني الرخيص ، والصورة الأحدث للوطن الذي ننشده…

وجدت أن رؤيتنا واحدة أيها الخضر الواقف على حصان المعنى تصارع تنين المبنى لتصرعه…هذا التنين الذي يريد أن يخربط الرؤيا والمعنى دفعة واحدة…

قلت في نفسي ما بال هذا الرجل… لا يبتغي حدثاً يكتب عنه وإنما رأياً ليقوله، لا  أن يكون صحافياً ينقل الوقائع فحسب ، بل يريد أن يكون أديباً يرسم حقيقة داخله ويوزّعها على المحتاجين إليها…

ولأن طريقي كانت حمراء منذ يناعي دون سبب يُذكر .. صرت كلما نظرتُ إلى المرآة وجدتُ وجهي أخضر…دون أن استشعر طريق الخلاص…أدركتُ حينها أن عليّ أن أُطلّق المرآة وأقترن بامرأة تستطيعني ولا أستطيعها، محمّلاً إياها تعب الطريق الحمراء التي رافقتني… فاقترنتُ بامرأة واحدة اسمها الحقيقة…

قلتُ إذاً سأكون “الخُضر ” كما جورج طرابلسي ، فأخذني حظي إلى عمادة صعبة ، فاخترتُ الأرتوذكسية سبيلاً ، وعرفت أن الأحمر والأخضر لا يلتقيان…وأن اليمين واليسار إرث الحياة المضاعف،  وأنهما وجهان لعملة واحدة… فقررتُ حينها أن  أكون مستقيماً، علّني أنجو من بغل يرفسني من اليمين الى بغل يلبطني من اليسار  فقلت في نفسي : يا ولد… الاستقامة أفضلها… فإنها تنجّيكَ من اللبيط …من ذلك الوقت صار جورج طرابلسي صديقا ً لي، منذ أكثر من ثلاثين عاماً  بالتقدير …

وكرّت سبحة السبحان…وأجلى جورج من خلال هذه الرفقة 365 صوتاً…ليقترعوا له ، أتى بهم إلى محكمة الضوء…لينقلوا تجاربهم في الحياة ، عنها ومنها…فقال لنفسه :أنا ما زلت أتعلم وانا في الثلث الثالث من العمر…فلماذا لا انتشي وأحوّل هذه التجارب إلى معرفة… حينها قررّ جورج أن يخطف من نوره قبساً أجلى من الصوت ، وراح بريشته يلوّن كتابه بعنوان : علّمتني الحياة ،  كل هذا بصبر العامل، وإرادة الحكيم، وبحب وإيمان عارفين ، هو ما أراده ابن الحياة ليكون له صولجان الحبر واللون والمسافة…

لن أُكثر الكلام في حضرة الحياة..انه كتابكم يا أصدقائي…فقُم ايها الخضر إلى عرينكَ …ووقّع وجهك العارم بالمحبة والدفء…

***

*ألقيت في احتفال إطلاق كتاب “علمتنا الحياة” للإعلامي جورج طرابلسي برعاية “منتدى شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده الثقافي”،  الخميس  السابع من تموز/يوليو 2022،  السادسة مساء، على مسرح القصر البلدي-جديدة المتن…

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *