رؤية تحليليّة واستراتيجيّة للقيادات الروسيّة والسوفياتيّة ١٩٠٠-٢٠٢٢

Views: 358

د. إيلي جرجي الياس

 

الحلقة الثانية

 *المشروع الأميركيّ السرّيّ لتقسيم الأراضي الروسية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي*

 

القلق الاستراتيجيّ الذي يسكن الوجدان الروسيّ، في مستهلّ الألفية الثالثة، وخير من يعبّر عنه الرئيس فلاديمير بوتين الملقّب بالقيصر، مردّه المخطّطات الأميركية العنيدة والجبّارة التي ساهمت في انهيار الاتّحاد السوفياتي، والمنظومة الشيوعية العالمية، وكادت أن تودي بالاتّحاد الروسيّ نفسه إلى التقسيم… لذلك يتضاعف اهتمام الروس هذه الأيّام بمجالهم الحيويّ الضروريّ…

“”الرئيس الروسيّ الجريء والمقدام، فلاديمير بوتين، القادم من عالم الأمن والاستخبارات والمهمّات المحدّدة والدقيقة والناجحة، ومع إطلالته الساطعة والنوعية والرمزية رئيساً للاتحاد الروسيّ يوم 1 كانون الثاني 2000، سيدشّن مع انبثاق الألفية الثالثة تماماً، زمن الحرب الباردة الثانية، عبر مواجهة استراتيجية جديدة مع الأميركيين، ولكن من نوع آخر، بمعايير جديدة وأساليب تكنولوجية حديثة… لاستعادة الحضور الروسيّ الرائد بعد فترة من التراجع السياسيّ النسبيّ مع الرئيسين السوفياتيّ ميخائيل غورباتشيف والروسيّ بوريس يالتسن… وستبرز نتيجةً لذلك احتمالات عديدة وتبدلات هامّة!! في العلن ثمّة حلف بين الروس والأميركيين لمواجهة الإرهاب العالميّ، وفي السرّ ثمّة مواجهات استخبارية شديدة التعقيد والتطوّر بين الجبّارين، تعتمد حكماً على الجيلين الرابع والخامس من الحروب، وتمتدّ آثارها على مستوى العالم وفي كافة المجالات!!

 

أدرك الرئيس الروسيّ الخبير فلاديمير بوتين آلية انهيار الاتحاد السوفياتي، كما نعرفها اليوم، وهذا ما جعله من باب الاستخباريّ المخضرم والاستراتيجيّ الخطير، متنبهاً لجرأة الجانب الأميركيّ، السرية والمركّزة!! “تقرير ضابط الاستخبارات غير الشرعية المقيم في نيويورك يوري شيفتشينكو: روى لي موظفو وكالة المخابرات المركزية (سي أي إيه) ماذا سيحدث بالضبط في المستقبل. الدور التاريخي للحزب الشيوعي انتهى… الحزب سيختفي عما قريب. بعد ذلك ستطرح المهمة الخاصة. المرحلة الأولى: تفكيك الاتحاد السوفيتي بحسب الجمهوريات الاتحادية. المرحلة الثانية: تفكيك جمهورية روسيا الاتحادية وانهيارها. وهناك خطة لتأسيس جمهورية الفولغا الشمالية (أي تترستان ووسط حوض الفولغا)، وجمهورية جنوب الفولغا. أما غرب وجنوب غرب روسيا فيلحقان بالدول المجاورة لروسيا. ويصبح الشمال، أي ما يسمى إنغريا وكاريليا جمهورية منفصلة أخرى. وسيبيريا ستقسم بين الصين واليابان والولايات المتحدة الأميركية. وتبقى روسيا الاتحادية في حدود إمارة موسكو القديمة (دوقية موسكو الكبرى) “.(تقرير، ARABIC   – RTبرنامج رحلة في الذاكرة، خالد الرشد، كانون الأوّل 2020.)، الاستخبارات السوفياتية غير الشرعية (غير الرسمية) كانت تقوم بنشاطٍ عملياتيّ دون تغطية رسمية في دولٍ أجنبية، خطير للغاية، وكانت بقيادة الجنرال يوري دروزدوف منذ سنة 1979!!

وبذلك قدّمت هذه النخبة الاستخبارية، المُرادفة ل كي جي بي، خدمة كبرى إلى القيادة السوفياتية العُليا!! “ماذا فعل غورباتشيف عندما اطلع على التقرير؟ كتب حاشية بأنه اطلع عليه. ولكنه لم يكتب تم الاطلاع على التقرير نفسه بل على ورقة منفصلة ربطها بالتقرير بمشبك الورق وذلك كي يحفظ في الأرشيف وكأنه لم يطلع عليه…” (تقرير، ARABIC   – RTبرنامج رحلة في الذاكرة، خالد الرشد، مقابلة مع الجنرال ألكسندر باندريانكا حول كتابه عن الجنرال يوري دروزدوف والاستخبارات السوفياتية غير الشرعية، كانون الأوّل 2020.)، سيستفيد الرئيس بوتين من تجارب وأخطاء الرئيس السوفياتي الأخير ميخائيل غورباتشيف، والرئيس الروسي الأول بوريس يالتسن، إلى أقصى حدود، في المواجهة المفتوحة والمتواصلة مع الأميركيين والغرب!!”” من مقالتي العلمية: ما بين تجلّيات الحرب الباردة الثانية، وبداية الألفية الثالثة!!، الدراسات الأمنية، مجلة فصلية محكمة، تصدر عن الأمن، العدد 89، كانون الثاني 2022، ص 100، 101.

***

* د. إيلي جرجي الياس، كاتب، وباحث استراتيجيّ، وأستاذ جامعيّ.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *