مرّة أخرى.. الفنّ الإسلاميّ والتجريد الحديث

Views: 29

ثريا بن مسميّة*

لاصطلاح على فنّ التجريد الإسلاميّ بفنّ التوحيد هو انسجامٌ مع المدوّنة الفكريّة الإسلاميّة، إذ إنّ غاية الفنّ الإسلاميّ هي الجمال الباطن لا العرض الظاهر. على هذا الوجه كان فنّاً ذا خصوصيّة إبداعيّة، اعتمدَ لغة الشكل من خلال الزخرف والخطّ، وقد التقى في هذه الأُسس والفنّ التجريديّ الحديث بما هو فنّ لا تصويريّ. هذه “المُعاصَرة” ما بين الفنّ الإسلاميّ والفنّ التجريديّ الحديث تفرض علينا قراءةً تأويليّة تأصيليّة للفنّ الإسلاميّ بما هو فنٌّ مُطلق اعتنَق البُعدَ الروحيّ، فخَرَجَ عن حدود الزمان والمكان ليتّسم بالأبديّة لدرجة تزامنه الإبداعيّ والفنّ الحديث.

الهيرمينوطيقا بما هي نظريّة التأويل، هي فعلُ تأصيلٍ للنصّ المقروء، أي هي عمليّة فَهْم له بعيداً من ضروب التكرار والمُعاودة والاجترار، فهي في الدرجة الأولى اختراقٌ لكشف المعنى وتفسير الرموز، هي حفرٌ في اللّغة ورجوعٌ بالنصّ إلى تاريخه المفاهيمي.

على هذا الوجه من المُجاهَدة والتأصيل للنصوص يكون بحثنا في الفنّ التجريدي الإسلامي، بما هو “فنّ توحيد” يُقابل للتجريد بمعناه الحديث. ونعتُ التجرُّد في الفنّ الإسلامي بالتوحيد يُعتبر ضرورةً اصطلاحيّة تتناسق والمنطق العامّ لهذا الفكر. فجوهر الفكر الإسلامي ومنطقه الداخلي هو التوحيد بما هو قوام الحضارة الإسلاميّة شكليّاً وجوهريّاً؛ فعلى أساسه تُقام القوانين الداخليّة لكلّ النشاطات الإنسانيّة في المُجتمع الإسلامي، فكر التوحيد على هذا الوجه قدَّم أفضليّة الروحي على الظاهري، والجوهري على الشكلي، كما عرضيّة الحياة والوجود مقارنةً بجوهريّة عالَم الغيب والمُطلق.

وفي هذا التأويل الإسلامي لمعنى التوحيد يقول ابن عربي في كِتابه “التجلّيات”: “التوحيد عِلمٌ، ثمّ حال، ثمّ عِلم، فالعِلم الأوّل توحيد الدليل، وهو توحيد العامّة، وأعني بالعامّة عُلماء الرسوم، وتوحيد الحال، أن يكون الحقّ نعتكَ، فيكون هو لا أنت في أنت، والعِلم الثاني بعد الحال توحيد المُشاهَدة، فترى الأشياء من حيث الوحدانيّة، فلا نرى إلّا الواحد وبتجلّيه في المقامات، يكون الوجدان والعالَم كلّه وجدان” (ابن عربي، التجلّيات، 1964، ص 22).

الفنّ الإسلامي إذن هو فنّ موحّد، يفقد فيه الموضوع اليومي قيمته الجوهريّة، لتكون غايته شكليّة روحانيّة، أي أنّ المتعة الأصيلة في الفنون الإسلاميّة ترتكز أساساً على الجمال الروحاني الباطن المُدرَك بالبصيرة لا بالبصر، في تلك اللّمسات الروحانيّة التي يُضفيها الفنّان المُسلم على أعماله فينطلق بكَ إلى عوالِم بعيدة وعميقة، لا وجود لها في الواقع الظاهري، بل تلمسها روحك من خلال الطمأنينة والراحة في مُعاينة الأشكال اللّامتناهية لعملٍ زخرفيّ بألوانه المُتناسقة إلى حدّ الشعور بأنّكَ لا تُعايِن عملاً فنيّاً، بل تدخل في حضرة رؤى قدسيّة ذات نزعةٍ صوفيّة للجمال، فيها زهد بالعرضيّ والحسيّ واحتفاء بالروحانيّ و اللّامتناهي.

غاية الفنّ الإسلامي الجمال الباطن، ولعلّ هذه المفهمة للجمال هي ما جعلته فنّاً موحّداً إلى حدّ قول الغزالي في كتاب إحياء علوم الدّين “إنّ الجمال ينقسم إلى جمال الصورة الظاهرة المُدرَكة بعميق الرأس، وإلى جمال الصور الباطنيّة المُدرَكة بعَيْن القلب ونور البصيرة، والأوّل يدركه الصبيان والبهائم، والثاني يختصّ بإدراكه أربابُ العقول، ولا يُشاركهم فيه مَن لا يعلم إلّا ظاهراً من الحياة الدنيا” (سمير الصائغ، الفنّ الإسلامي، قراءات تأمّليّة في فلسفته وخصائصه الجماليّة، ص 411).

تأويلنا للفنّ الإسلامي بما هو فنّ توحيد يتمثّل أساساً في الكشف عن المحجوب، أو الافتراض الضمني لهذا الفنّ بما هو تجاوُز للعرضي الظاهري لإبراز الباطني الجوهري، فمُختلف الفنون الإسلاميّة من خطّ ورقش وزخرف غايتها لا تصوير المحسوس، بل تحويله إلى مجرّد ذهني غايته التعبير عن أصل الجمال والكمال المتمثّل في الواحد المتوحّد، لذا هو يتعالى عن الواقع ويبحث في الحركة الفنّيّة المجرّدة، فهو كما يقول عفيف بهنسي “إبداع لواقعٍ جديد مُختلف عن الواقع المألوف، وهو وسيلة التعبير عن البراعة لتحقيق متعة مفرحة” (عفيف بهنسي، جماليّة الفنّ العربي، 1979، ص 76).

لغة الشكل، الخطّ، الهندسة، بصفة عامّة في الفنّ الإسلامي هي لغة التجريد والتجرُّد من كلّ ما هو مادّي، هي تجاوُز للعالَم المنظور إلى عالَمٍ موعود، هندسة روحانيّة توقظ الإحساس وتُمتع العَيْن بالمُختلف عن المُتداوَل والمَرئي العادي، فتجعل الرؤيا تُواكب البُعد المفهومي للفنّ، وتنقل العَيْن من سراب الواقعي إلى حقيقة اللّامرئي فيكون بذلك الفنّ الإسلامي جسراً لرؤية اللّا مرئي، وأسلوباً لرفْع الغشاوة عن العَين المجرّدة لتُدرِك قدرتها على رؤىً مُخالِفة للمحسوس، حينما تقرأ لغة الشكل من مستقيمٍ ومُنحنٍ ومُغلَق ومفتوح كما تعي معنى مرور السطر وتطوّره من نقطة إلى دائرة ثمّ سطح.

لكن هل يُشرّع لنا كلّ هذا البيان في خصوصيّة فنّ التجريد الإسلامي القول بزمنيّة “فنّ التوحيد” لفنّ التجريد المُعاصر؟ ألا يُعتبر الفنُّ التجريدي المُعاصِر حدثاً فنيّاً مطلقاً، والفنّ الإسلامي ما يعدو أن يكون إلّا استجابة لضرورة فقهيّة فيها تحريم للتصوير الواقعي والكائنات الحيّة؟ وهل من مشروعيّة لإقامة مقاربة ما بين فنّ إسلامي قديم وفنّ تجريدي حديث، أي بين فنّ توحيديّ وفنّ شكليّ يُعتبَر ظاهرة مُعاصرة ومتقدّمة في تاريخ الفنّ؟

قد يكون الإشكال الرئيس لمبحثنا هذا هو تقديم تعريفٍ واضحٍ للفنّ التجريدي، أي لهذا الشكل الفنّي الذي اعتبره البعض نقلةً جذريّة ونوعيّة للفنّ المُعاصِر، ولا يرجع إشكال التعريف إلى غيابه بل على العكس إلى كثرة التعريفات المقدَّمة له. فكما يقول جورج روك في كتابه “ما هو الفنّ التجريدي؟”: الآن “وبما أنّ كلّ شيء مُترابط، يصبح من الصعب جدّاً تحديد من أين أتى الفنّ التجريدي، ما دمنا لا نملك فكرة عمّا هو… نحن عدنا إذاً إلى سؤال: كيف نُعرِّف الفنّ التجريدي؟” George Roque, Qu’est ce que l’art) abstrait?,2003,p.13.).

فنّ الرسم التجريدي أو اللّا تصويري non figuratif أو اللّا موضوعي non objectif هو تيّار فنّي عالَمي، هذا الشكل الفنّي، يُعتبر ظاهرة معبِّرة للنشاط الفنّي الحديث، كما يُعتبر ثورة استطيقيّة أعادت صَوغ العديد من المناهج والمعايير الشكليّة.

بهذا عبَّر فنّ الرسم التجريدي مثلاً عن تحرُّر الرسّام من الضرورة الطبيعيّة والتشخيصيّة لأشياء، فاقتصرت لوحاته على خطوط ومساحات، أو على أشكالٍ وألوان يشكِّل تقابلها وتجاورها وتداخلها موضوع العمل الفنّي وغايته الأساسيّة، فكما يقول ميشال سوفور “تعدُّد أشكال التعبير كان أحد الخصائص الأكثر تفرُّداً لفنّ الرسم التجريدي” (Michel Seuphor, La peinture abstraite, sa genèse et son expression,1964,p.67.).

أشكال التعبير هذه لم تكُن على صلة، لا بالظواهر الخارجيّة، ولا بالعالَم المرئي، والفنّ التجريدي دائم السعي إلى تخطّي الصورة والتمثيل الصوري رافضاً المُحاكاة والتقيُّد بالمنظور والطبيعة، فالعمل التجريدي يعبِّر عن تحرُّر الفنّان من ضرورة تمثيل الأشياء كما تمثّل له في الطبيعة، ويستبعد الصورة المحسوسة، بل ويسعى إلى أن يستخلص من المحسوس شيئاً، هو منه بمثابة المفهوم أو الفكر من دون أن يفقد العمل الفنّي قيمته الفنّيّة الإبداعيّة، ومن دون أن يفقد ما يتضمّنه من مضامين خاصّة، فبدلاً من أن يحاكي الطبيعة ويصوِّر ما هو مرئي، واقعي، بات مع التجريد فكراً وشعوراً.

نقطة.. سطر، سطح

يُحاوِل الفنّانالتجريديعلى هذا الأساس أنيستخلص من الصورة المحسوسة جوهرها أيروحها المفهوميّة أيأنيجعل من الأشكال في تجاورها والخطوط في تقاطعها نموذجاً مثاليّاً للحقيقة الفنّيّة المحسوسة، من غير أنيلتصق إنتاجهالإبداعي بالتصوير الواقعي لما هو موضوعي، بهذا يمكن أننُطلِق لفظة التجريد في فنّ الرسمعلى نَوعٍ من الفنّ ابتعدَ عن تمثيلالطبيعيّة فكاناستخلاصاً لجوهرٍ من الشكل الطبيعي وعرْضه في شكل جديد.

وقد يكون ذلكما عبَّر عنه “ليوناردو دافنشي” بقوله “يا من تبحثعن الأشياء لا تقتصر على معرفة الأشياء كماتنتجها الطبيعة، لكن تعوَّد على معرفة أصلالأشياء المرسومة في روحك” (Marcel Brian, Art abstrait, 1963, P.53.).هذا التعريف الاصطلاحي لفنّ التجريد يَضعنا في إحراجٍ مفاهيمي إذ كيف للفنّ الإسلامي كفنّتجريد أو فنّ توحيد، كما سبق ونعتناه، أنيكون مُتزامِناًوفنّ التجريد الحديث بما هو ثورة في عالَم الفنّ؟

للإجابة عن هذا السؤال والخروجمن هذاالإحراج المفاهيمي نحن بحاجة إلى قراءة تأويليّة للفنّالتجريدي، وإلى قفزة مغامرة في الفَهْم تتخطّى حدود الزمانوالمكان، وهذا ما قد عبَّر عنه “شلاير ماخر” في إطار حديثه عن التأويليّة Herméneutique بالمُعاصرة بين القارئ ونصّه وبين المبحث وباحثه، هذه المُعاصرة تخصّ زمانيّةً مُطلقة في البحث وتنطبق في شرحنا على مُعاصرة فنّ التوحيد لفنّ التجريد الحديث أو ربّما حتّى أسبقيّة فنّ التوحيد في التجريد على فنّ التجريد الحديث.

التعريف لفنّ التجريد إذاً يتطلَّب فَهماً ديناميكيّاً ذا أبعادٍ فلسفيّة تاريخيّة له، لا فهماً مُحنَّطاً تأريخيّاً يقدِّم التجريد الفنّي الإسلامي كشكلٍ فنّي بالٍ، مقابل الفنّ التجريدي الحديث كثورة فنّيّة استيطيقيّة.

كما أنّ تعريف الفنّ التجريدي يُعتبر مُجازَفة تُخرِج البحث عن طابعه النَّسقي والعلمي، وذلك راجع إلى كثرة التعريفات، كما إلى تنوُّع الاتّجاهات الفنّيّة التجريديّة، وتعاقُب مؤسّسيها؛ فلا تعريف كامل لهذا الفنّ أو على الأصحّ لا تستطيع حصرهُ داخل إطارٍ زماني ننعته بالحديث أو المُعاصر او القديم. فكما بقول جورج روك: “الآن، كما أنّ كلّ شيء يبقى مُترابطاً، يصبح إذاً من الصعب تحديد من أين أتى الفنّ التجريدي، ما دُمنا لا نملك فكرة عمّا هو…نحن نرتدّ إذاً للسؤال: كيف نُعرِّف الفنّ التجريدي؟” (George Roque, Qu’est ce que l’art abstrait ?).

لقد ظهرت التجريديّة في الفنّ الحديث بصور متعدّدة وارتبطت بالاتّجاهات التجريديّة المُختلقة، من خلال إبداعات فنّاني هذه المدرسة وأشهرهم “فاسيلي كاندنسكي” الذي قدَّم كِتابه “الروحي في الفنّ L’art du spirituel ” سنة 1912 وكِتابه “نقطة، سطر، سطح Point, ligne, surface” سنة 1926، وكذلك “العالَم من دون الأشياء” Le monde sans les choses سنة 1927، إلى جانب مقالاتٍ عدّة في مجلّة “دي ستيل” سنة 1917 إلى جانب “موندرين” و”كازميير مالفيتش” وغيرهم من روّاد الفنّ التجريدي الحديث.

لكن يجب التأكيد على أنّ ظهور الشكل المجرَّد في الفنّ الحديث، كان نتيجة عوامل عدّة مُركَّبة تضافرت وأدَّت إلى بلْورته، فقد التجأ الفنّان التجريدي إلى هذا الشكل الفنّي كتعبيرٍ عن حالة خوف وقلق، ما أدَّى به إلى عدم الوثوق بعالَم المحسوسات وبمنجزات الحداثة، وذلك نتيجة للحرب وعدم الإحساس بالأمان، فكان الأسلوب التجريدي أحسن ملجأ ومَهرب للتعبير عن الفراغ الروحي والإحساس بالحاجة إلى عالَمٍ مُخالف ومُناقض لما هو مادّي أجوف.

هذا البُعد التاريخي لظهور فنّ التجريد الحديث يخفي خلفه مراحل سابقة للتجريد الفنّي، هي ما أطلقنا عليه نعت “فنّ التوحيد”، أي التجرُّد في الفنّ الإسلامي. ولعلّ دارسي الفنّ الحديث والمُعاصر يرون مبالغة أو مجازفة كبرى في إرجاع فنّ التجريد الحديث إلى أُسس الفنّ التوحيدي. فتاريخيّاً، أي بالمعنى التاريخي، سجّلت أوّل لوحة تجريديّة على يد الفنان الروسي “كاندنسكي” سنة 1908، الذي اعتَبر التجريد ظاهرة مميَّزة لفنّ الرسم الحديث، وهو بمثابة “الانقلاب المُثير لعادات عالَم الفنّ وسُننه” (Kandinsky, Du spirituel dans l’art et dans la peinture en particulier, p. 10.).

لكن ما سبق وأوضحنا من أنّ القراءة التأويليّة لا تكتفي بظاهر النصّ، بل هي مُجازفة إبداعيّة تُخرج النصّ من بُعده التأريخي وتُحيله إلى مادّة جاهزة للقراءة المُعاصَرة؛ كذلك نحن اليوم نجعل “فنّ التوحيد” في زمانيّة و “فنّ التجريد الحديث” ويشرع لنا ذلك أُسس الفنّ التجريدي الحديث بما هو فنّ شكل ولون، فإذا كان كذلك فهذا ما قد سبق وأبدعه الفنّ الإسلامي من قبل من خلال الخطّ والزخرف. فالتشكيل الهندسي للمُنمنمات يَعتمد الخطّ والنقطة، المربّع والمثلّث، وبخاصّة الدائرة. وهذه الأشكال تُعتبر من ركائز الفنّ التجريدي الحديث، وهو ما فسَّره كاندنسكي في كِتاب كامل يحمل عنوان “نقطة، سطر، سطح surface ,ligne ,Point ، الذي يوضح أنّ الشكل واللّون يكوّنان في ذاتهما عناصر اللّغة الكافية للتعبير عن الانفعال، تماماً مثلما يفعل الصوت الموسيقي بالروح. كما يَعتبر كلّ شكل فنّي متكوِّن من شكلٍ ولَونٍ مُعبِّراً عن الانفعال الداخلي القادر على إبلاغ صوت الفنّان الرسّام إلى مُشاهِد لوحاته بكفاءة عالية. هذا الاكتشاف الذي اهتزّت له أوروبا سنة 1908 في القول بأوّل لوحة تجريديّة.

ثمّ إنّ قارئ كِتابات كاندنسكي لثلاثة كُتب شرَّعَت لهذا الإنجاز، قد يصطدم في هيرمينوطيقا التجريدي بلا زمنيّة “فنّ التوحيد”، أو بلغة أصحّ بمُعاصِر “فنّ التوحيد” و “زمانيّته”، فامتلك حقّ المُعاصرة ليكون هو الأصل في التجريدويُصبح الفنّ التجريديالغربي مجرّد مقلِّدٍ أو ناقلٍ أو ربّما يكون كاشفاً عنه بتغييبه.

الباحث في “فنّ التوحيد” قد يجد دلائل شتّى على صلابة هذا الفنّ من الناحية الإبداعيّة، فهو فنّ ينبني على فلسفة كاملة حرَّكت المسلم الموحِّد، المقدِّس للنصّ الديني وإلى درجة جعلته يكتب بفنٍّ، فأَبدع في الخطوط، كما أراد تزيين الأماكن المقدّسة، فاختار لها الروحاني من خطوط وأشكال بألوان مُختارة بعناية. هذا الدافع الروحاني للالتقاء بالمُطلق والمقدَّس خَلَقَ فنّاً لا يرتبط بشيئيّة الحاضر، بل تَجاوزَه إلى الأبديّة، وصارَ ما يُنعت بالفنّ التجريدي الحديث مجرّد نقلٍ صامت عنه، أو بكلماتٍ أخرى، ما زال هذا الفنّ ينهل من ذاك وينعت نفسه بالحديث.

***

*كاتبة وأكاديميّة من تونس

*مؤسسة الفكر العربي-نشرة أفق

(https://www.sweetfixbaker.com/)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *