سجلوا عندكم

آناستازيا رومانوفا… جماليّة لغز غامض لا ينتهي

Views: 522

د. إيلي جرجي الياس

 

*الحلقة 32 من سلسلة القيادات الروسيّة والسوفياتيّة 1900-2022، رؤية تحليليّة واستراتيجيّة!! 

 

خجل آناستازيا رومانوفا الأنيق والصريح في حياتها القصيرة مع العائلة القيصرية الروسيّة الأخيرة وحضورها الجميل والمحبّب، يقابلهما جرأة عنيدة ومغامرات عديدة في زمانها المُفترض بعد إعدام هذه العائلة، وقد تخلّى عنها الجميع…

رغم كلّ البحث الجادّ، والمتابعة الحثيثة، والجهود المتواصلة، لا يزال الغموض يسكن ثنايا حكاية آناستازيا…

 

آل رومانوف… هياكل عظمية!!

 “في تموز 1991، بناءً على تدخل الرئيس الروسي بوريس يالتسن، أُجريت الحفريات في الموقع المُحتمل، وسُحبت بقايا بشرية لتسعة هياكل عظمية!! وفي عام 2007، أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستئناف البحث، وعُثر على بقايا الجثتين الناقصتين: لألكسي ولإحدى الفتيات يرجّح أنّها أناستازيا!! بينما في 17 تموز 1998 جرت الجنازة الوطنية للعائلة القيصرية وفي 14 آب 2000 قام البطريرك ألاكسيس بتقديس الأمبراطور وزوجته وبناته الثلاث في احتفال مهيب!! ولكن قبل ذلك بكثيرٍ من الوقت: في 17 شباط 1920 الساعة 9 مساء، منعت شرطة برلين امرأة شابة حاولت الانتحار… ثم أُرسلت إلى مستشفى الطب النفسيّ في دالدورف، وبقيت سنتين في صمتٍ جّبار، إلى أن صرّحت إحدى رفيقاتها في المستشفى أنها ابنة القيصر: آناستازيا… 

 

المفاجأة الكبيرة والغامضة

يا للمفاجأة الكبيرة والغامضة في آن!! 

وبدأت حكاية آنا آندرسون – آناستازيا رومانوف… 

أقامت آنا أندرسون حتّى سنة 1928، مُتنقّلةً بين ألمانيا وسويسرا، وسط حالة ضياع حقيقية بين كبار المُهاجرين الروس المُوالين للقيصرية، فمنهم من يجزم أنّها أناستازيا ابنة القيصر نيكولا الثاني، ومنهم من يُناقض ذلك… مستفيدةً من المساعدات المالية التي يقدّمها لها الأمراء الروس في المهجر والأنسباء من الأمراء الألمان والأوروبيين… وقد عُرفت باسم آنا تشايكوفسكي، مثيرةً حولها الكثير من الظروف المُبهمة والمُتناقضة!!

 أقامت في الولايات المتّحدة الأميركية بين سنة 1928 و 1931، حيث دخلت البلاد بمساعدة ابنة عمها المُحتملة زينيا غيورغيافنا… 

 

العودة إلى المانيا

أصبحت مُطاردة وتحت مُراقبة الصحافيين وطموحهم إلى إدراك الحقيقة، والمُحامين الخطيرين ورغبتهم بإدراك أسرار أموال القيصر وأماكن وجودها عبر العالم، والطبقة الأرستقراطية الروسية الموجودة في الولايات المتحدة وإرادتها بعودة القيصرية إلى روسيا، ولو كان ذلك وقتذاك يكاد يكون مستحيلاً… ونتيجةً لتلك المُضايقات الجبّارة، ولمُعاناتها النفسية المُتفاقمة، ولطبعها الانطوائيّ، قرّرت آنا الرحيل عن الولايات المتّحدة إلى ألمانيا مجدّداً… 

بين 1931 و 1968 أقامت آنا أندرسون في ألمانيا حتّى خلال الحرب العالمية الثانية، ثمّ ألمانيا الغربية… وبين فضيحةٍ وأخرى، ومُحاكمةٍ وأخرى، ومُلاحقةٍ صحافية وإعلامية وأخرى، عاشت في منزلٍ مُتواضع في الفوري نوار، عيشةً يكتنفها الغموض الهائل، ومع تقدّم السنين، كانت الأبحاث المُتعلقة بماضي آنا وحاضرها ومُستقبلها تتزايد، ولكن سطوة النظام السوفياتيّ في مكانٍ ما تمنع من تأكيد مسار الحقيقة الصعبة!! 

 

أناستازيا ماناهان!

بدعمٍ مُطلق من صديقها الصدوق الروسيّ غليب يفغيني بوتكين، وبمُساعدة من صديقه الأستاذ والباحث التاريخيّ الأميركيّ جون ماناهان، عادت آنا إلى الولايات المتّحدة الأميركية من جديد، سنة 1968… تزوّجها ماناهان الذي يصغرها بعشرين سنة، يوم 23 كانون الأوّل 1968، واصطحبها معه إلى شارلوتفيل في فيرجينيا… أصبحت آنا، أناستازيا ماناهان، واعتدّ جون بنفسه قيصر روسيا المُستقبليّ… 

توفيت أنا أندرسون في 12 شباط 1984، بعد حياة مديدة مليئة بالاحتمالات والمفاجآت والأسرار…”.

 (من مقالتي العلمية: الكرملين، من القيصر وكيرنسكي وراسبوتين، إلى تروتسكي ولينين وستالين: سلسلة من الأسرار والأحداث والمفاجآت، الدراسات الأمنية، مجلة فصلية محكمة، تصدر عن الأمن، العدد 91، تموز 2022، ص 80، 81).

 

***

* د. إيلي جرجي الياس، كاتب، وباحث استراتيجيّ، وأستاذ جامعيّ. 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *