الياس العطروني بين الصحافة والأدب

Views: 44

سليمان بختي

لا يأخذه الادب من الصحافة ولا تأخذه الصحافة من الادب. كأني به يهيم مع الشجر ويهيم مع الثمر. هو هنا وهناك مع آخر الفرسان المحترمين وهو بين الجميع يضيء كل يوم آخر  الصفحات الثقافية المحترمة في صحافتنا ويخاف على شمعته من الريح والظلام والتهافت. واذا كتب فهاجسه المعنى، وابعد منه نصا ابداعيا معرفيا اخلاقيا. واكثر من المعنى الوجع او القضية، يكتب القصة بوصفها ضوءًا  قابلا للحوار والتأمل والانشداد. هناك قصة في كتابه “المنغولي” عنوانها “الصفر” كل سطر فيه سخرية وكل سطر فيه الم. 

والياس العطروني في ابتسامته الحانية قد يأخذ وقته ولكن انتباهته او رأيه يأتيان حفرا وتنزيلا، ويحصل على التفاعل وعلى التجارب، وعلى نعمة التفكير الصح والتعبير الأصح، ويدعوك بقوة الى كل جديد والى اشراقة. وبين لوعة وأخرى يخاف على القصة ان لا تحمل في طياتها الحياة او بياض القلب او نور الحقيقة.

وهو منذ زمن ابن الحرفة التي لا تبعد المرء عن قلبه وعن وجدانه وعن اهله بل تتركه في تلك الايام الحارة والشائقة يبحث عن الاعماق تارة وعن الفجر تارة اخرى فلا ينقضي العمر الا وقد اخذه الشغف الى النجوم والى الوجود الناعم  والى الموعد الجميل الدائم مع الكلمة او القصة او الرواية .

ولعله اذا بدأ فلن ينتهي حتى نسمع رنين العربة والتنهدات.  وندرك ان الياس العطروني في ما كتبه كان وفيا ونسي قلبه وانفاسه الحارة وجمراته هناك، ثم ينهض ليستقبل صفحات الاخرين وكلماتهم  وكأنها له وكأنه لهم. أو كأن الاصالة المنغمة في الرحيق والازهار تنهض لتختفي بكل التحليات، فلا يذبل القنديل في بلادنا، لان حراسها كانوا هناك ودافعوا بالقلب بأضعف الايمان عن آخر صوت للضمير وآخر نسخة للحرية في هذا الشرق. 

https://thesanddollarlv.com/

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *