زياد بيضون قارئًا “أرض الزئبق” لنعيم تلحوق: كل صفحة منه كتاب
المحامي زياد بيضون
الأساتذة والكتّاب والأدباء والمفكرون الكرام ، أسعد الله أوقاتكم بكل خير
لقد شرفني معالي وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى بتمثيله والوزارة في هذه الندوة الفكرية حول كتاب “أرض الزئبق” للكاتب المبدع الاستاذ نعيم تلحوق، والحقيقة أنها لمهمة صعبة.
مهمة صعبة أن أحضر بين كوكبة من الادباء والمفكرين والكتاب لمناقشة رائعة من روائع اللغة والبلاغة والفلسفة والشعر والنظريات والذكريات والغوص في فضاء الحياة والوجود ، وأنا القادم من عالم القانون، الذي وإن كان غوصاً في غمار الحياة ومبادئها والحقوق والواجبات فيها، إلا أنه يبقى عاجزاً أمام فلسفة الحقيقة التي تجسدها كل مراحل الحياة بحلوها ومرّها.
قرأت ما تيسر لي قراءته من الكتاب اللوحة، ولا أقول الحق إن ذكرت أمامكم أنني استطعت الغوص في معاني مفرداته بما يمكنني من مناقشة، أقله، بعض من ما فيه، حيث أنه يحتاج إلى أكثر من قراءة لسبر أغوار البلاغة المتجذرة فيه، وقد عزز قناعتي في ما تقدم، ما قرأته عن الكتّاب الناقدين ، حيث وجدتهم أيضاً غارقين في صوره البلاغية ، ومعبرين بأعمق العبارات عن مضمونه الزاخر.
وهكذا، انتقلت من عمق معاني الكتاب، إلى عمق مقالات الناقدين، فوجدت أن أهون الحلول أن أترك الأمر لكم وأنتم أهل هذا الأمر، دون أن يمنعني ذلك، من أن أعبّر، ولو بشكل مختصر، عن بعض ما استوقفني وارغب بتسليط الضوء عليه.
لقد أحضر الكاتب الأهل من عمق الذاكرة، فتحدث عن أمه وعن مخاوفها وأسئلتها وأجوبتها، وهو يعي سبب تلقي جسده الطري ضربات قضيب الرمان ذات يوم ، كما تحدث عن أبيه “حكيم الزمان”، وعن مرافقته له منذ الصغر، ومنه أرغب بجواب عن سبب هذا الإحضار لنغني تجربتنا جميعاً بما تخمّر لديه.
لقد وجدت في ما كتبه الكاتب، حبــاً في الحديث عن زوجته التي عــلمته الصبـــر “والانحياز إلى الاعتدال في أكثر الأوقات”، وعرف من خلالها “أن الهدوء هو انحياز ضمني لسقوط الأقنعة”، ومنه أرغب في معرفة السر خلف ذلك، ولكن طبعاً بلغة نفهمها وهي التي كانت تقول له لماذا لا تسهل على القارئ فهم ما تكتب.
كما قرأت له ، أنه لم يشعر أن وطناً يولد برأسه إلا لما قرأ أنطون سعادة، ومنه أرغب في معرفة الوطن المولود الذي تحدث عنه، ومدى إمكانية تحققه، علناً نكون سوياً على ذات الشعور أقله في حبنا أن يكون لدينا وطن ننتمي إليه أولاً وأولاً وأولاً وآخراً .
لن أطيل ، ففي الكتاب عناوين عن اللغة، وعناوين اكثر عن المعنى، فضلاً عن أسئلة واسئلة فيها الفلسفة والشعر والنظريات والمداليل المختلفة، ولست ادعي أنني مؤهل في الوقت الراهن للنقاش والخوض فيها .
خاتماً كلامي بتعليق معالي الوزير على مضمون الكتاب ، بـأنه كتاب يحتوي في كل صفحة منه على كتاب .
أشكركم ، وأتمنى لكم دوام التوفيق والنجاح .
***
-ألقيت في الندوة حول كتاب “أرض الزئبق” للأديب والشاعر نعيم تلحوق بدعوة من مجلة “تحولات” في قاعة جريدة “السفير”، شارك فيها: د. راغدة قربان، الشاعر مردوك الشامي، د. محمود حيدر، المفكر حسن حمادة، وممثل وزير الثقافة المحامي زياد بيضون. قدمت الندوة الشاعرة ميشلين مبارك.
