ميلاد 2022

Views: 244

د. جان توما

تلقَى المولودَ في شوارعِ المدينة، يسألُك كسرةَ خبزٍ، أو حبةَ دواء . من كَسَرَ الناسَ سيدي، وأخرجهم إلى العراء؟ كيف يولدُ الآتي في آخ ِالوجع، وآهِ التأوه، وأنّةِ الأنين؟

لا ترى على الأرصفة غير الحاجة ترفلُ بثوبها، وتجرُّ أذيالّها بكبرياء، فيلاقيها المتباهون بأموالهم، فيما الطفل المولود في مذود يخرجُ الفقراء إليه، على اختلافهم، ليلقوا عنده ،على الأرض السلام، وفي الناس الفرح.

ما هكذا يأتي العيد، ونفوس البشر في البلد مُتْعَبَة، مجروحة القلب، مضطربة الروح، والروحُ في الميلاد خلّاقة في آمالها وسماحتها ورجاءاتها؟ صحيح أنّ السيد ولد في مذود وضيع ، ولكن ليغني الإنسان ويثريه في مسراه ومجراه.

تلحظ  في كلّ ابتسامة لمواطن في بلادي، شيئا من السؤال الذي لا جواب له: وماذا بعد؟ تَعِبَ كثيرا، اضطربّ طويلا، توتّر زمنا، فمن يرفع عنه تعبه؟ ويبدّد اضطرابه؟ ويهدىء من توتّره؟ من يعيد للمواطن خارطة درب القمر، ويخرجه من زمن الأجنحة المتكسرة؟.

جدّد في ميلادك سيدي منارات الأمل، لتستقيم العقول، وتستكين الأرواح القلقة، عسى أن يتفجّر نور ولادتك في مغاور ما عادت الحكايات تعرف كلمة سرّها، وقد كثرت ، وغاب الوئام والطباع الحميدة، ومكارم الأخلاق.

بميلادِكَ ظهرَ نور المعرفةِ للعالم، يا شمسَ العدل ، وإذا لم تحصل للمنتظر هذه الرؤية في هذا التغني بيسوع في سرّ تواضعه، وسر ّسطوعه، فسيغرقُ في فولكلور ما أُلصق بالعيد من أزياء وشجرة ومغارة وهدايا وسهرة، وينسى أن من يحتفل بولادته في داخل بيته، خرج ليحتفل ،بعيده ،مع فقراء الحيّ، وتعساء المدينة، وجوعى الوطن، ومرضى العالم.

***

*لوحة ميلاد يسوع، تظهر الطفل ومريم ويوسف والرعاة. بريشة هونثروست،1622

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *