في التّجريب الصّحافيّ (23)

Views: 30

محمّد خريّف

وها أنا أكاد أن أعثر بالصّدفة في جرابي ومزودي على أوراق باقية لاأدري أتدين الطيش الصّحافيّ أم تباركه و عدد الرّقع البالية قد لا يحصى  الآن هنا ولا أرشيف عندي تدفن فيه قشورمن نزواتي-  والطامع مثلي في عسل الفرززو يظفر به من قبور المطابع يحيي الكميوتر عظامها وهي رميم ولا تموت عنده أسئلة الخرافة واللاهوت وعنوان الورقة سؤال متجدّد عن حكاية طبيب الجان رغم تبدّل الأحوال والأزمان :  

ما حكاية طبيب الجان ؟

الضرير البائس …والمشلول فاقد الرجاء…والعاقر الراغبة في الإنجاب  والمصابة بداء القلب  والمصاب بداء السرطان …و..و..و ..وغيرهم  كثير من ذوي العاهات ظفر هذه الأيام بالأمل أو عاد إليه الأمل…فتدحرج في سلم  الحقب فلم يرض إلا بحقيقة اللاهوت حيث عقد الأمل  في طبيب يقال انه عاش في المغرب أكثر من 15 سنة ..وعاد  في الستينات إلى الساحل  حيث استقر أو لم يستقر ..إذ جاء إلى قرية في الوطن القبلي ومنها انطلق يجوب الدخلة  ويقطع المسافات باحثا عن مرضاه  فيعالج هذا وتلك  في ثقة وبلا مقابل  ولا حتى شربة ماء ..الناس يذكرون مزاياه  ويقولون بأنه متزوج  بامرأة من أهل الجان  وله منها أبناء يقومون بمهمة  المداواة في الغيب والخفاء..الناس يقولون ذلك  وثقتهم في عالم الغيب والجان ظاهرة..وتحديهم  للعلم الصحيح  والطب الحقيقي على وجوههم باد ..     

سي فلان يذكر للقوم في فخر واعتزاز  بان زوجته شفيت من داء القلب  مذ زارها طبيب الجان  وأجرى على ظهرها عملية جراحية  في غرفة من غرف الدار لم يحضرها إلا هووهي وشمعتان في صحن تشتعلان..وهذا سي فلان  اخذ والده المشلول  منذ زمان  وعرضه على طبيب الجان  ذات فجر يوم من الأيام  فنصحه  بالعودة وإحضار الصور ة الفوتوغرافية  ليسلمها إلى أطباء الجان .

هذا سي فلان آخر مثقف هدده طبيب الجان  بالقتل إن هو كشف السر  ويقدم له احلي الأغاني  والتهاني ..ولا خوف على أخينا إذ الأمر يبدو من باب المزاح.. (swagatgrocery) والدليل على ذلك  انه عقد فيه النية  وعرض عليه عمه المريض  والغارق “يتعلق بسبيبة “كما يقال ..وقال طبيب الجان  انه يحري عملية  جراحية على مستوى البطن في حين انه لم يضع إلا دهنا احمر تفوح منه  رائحة بعض العطور قيل إنها من أرقى العطور .

وهذا ” فلان” وقد فقد البصر  مازال ينتظر نهاية الأسبوع ليرى ماذا سيحدث  بعد أن وعده طبيب الجان  بإخراج الماء من عينيه ، ترى هل سبصر  كما كان في مضى ؟

حرفاء هذا الطبيب  متعددون  بتعدد المصائب  والعاهات والمصدقون اكسر عددا من المكذبين ونسف الثقة  في العلم الصحيح يزداد يوما بعد يوم …هل هذا تقهقر أم انحدار ؟؟؟ قالها احدهم وأخاله من أبناء العصر وان عجز  العلم التجريبي  أمام بعض المشاكل اليوم فلا يعني ذلك انه لا يقدر في المستقبل ولم يكن ذلك شرطا  للارتماء  في أحضان السحرة والمشعوذين ..فتكلم  آخر وقال  وأظنه يبتسم :”وأنتم تخليتم عن الأطباء وغركم تمويه الرعاة ؟؟ لعله يخاطب العارفين التقاة ؟. .

***

الصباح الأسبوعي الاثنين 29 /08/ 1988

هذه الورقة الطائشة نشرت في “بطّاح الملاّسين” كغيرها من أوراق وقاعة في حبس النساء…تخرج من جوف المسحورة دومنيك الفرنسية والساحرة خالتها بل عمتها على ماتدّعي المخبوطة في الضابط التونسي يسوق بطّاح الوهم مجدّفا في الفراغ…

(يتبع)

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *