الضحك… دواء رخيص!!

Views: 361

أنطوان يزبك

يقول مارك تواين الكاتب الأميركي الشهير: “تنبع الفكاهة من الحزن لا من السعادة” …

وفي قوله هذا بعض من تشاؤم ، وربط عضوي بين المضحك والمبكي كما في المذاهب الهندوسية والبوذية، حيث اللذة مرتبطة بالألم والعكس بالعكس وقد ذهب بوذا إلى القول إن السعادة ليست شعورا بحدّ ذاته ، بل هو مجرد غياب الألم ،وقد اتّهم بوذا بالإلحاد وسيق عنه أنه عابد للطبيعة جرّاء هذه المواقف!

ولكن وفي كل الظروف؛ الإنسان يفرح ويضحك ويحبّ الدعابات، تلك التي تبقى ضمن حدود اللياقة والتهذيب ولا تصيب الآخر بالإساءة الشخصية والنفسية . ها هو هنري برغسون يضع كتابا خصيصا عن الضحك، وميلان كونديرا لديه رواية عنوانها : كتاب الضحك والنسيان، والعنوان جذاب بمجرد أن نلاحظ مسألة الربط بين الضحك والنسيان، فمن يضحك ينسى همومه ويترجم قهره بالدعابة طالما هي دعابة مسليّة لا تؤذي أحدا …

اذكر عندما كنا صغارا كانت قصص ونوادر جحا أكثر ما يضحكنا ويسلينا في القرن الماضي ، لأنه في تلك الحقبة لم يكن هناك من انترنت و واتس أب أو وسائل تواصل، وكنا نجتمع بين أصدقاء لنقيم جلسة نكات ودعابات واهم موضوع لنوادرنا كان  شخصية جحا الطيب الذكر ومن اكثر نوادره التي كانت نجمة اللقاءات ، تلك التي تحدث مع زوجته ولجحا زوجة متطلبة متسلطة ترهقه وتخرجه عن طوره:

كانت زوجة جحا ترسله إلى السوق يوميا ليجلب حوائج البيت، وعندما يعود تكون قد خرجت في زيارة صديقاتها وقت الصبحية ولم تكن تعطي جحا مفتاح البيت كي لا يسقط منه ويضيع، وعندما يعود المسكين ولا يجد زوجته ، يجلس أمام الباب متذمرا مقهورا في انتظار عودتها التي غالبا ما  تطول وتطول قعدته .

ذات يوم طلب جحا من زوجته حلا لهذه المعضلة فقالت له ؛ طيّب  من الآن وصاعدا سأترك لك شباك المطبخ مفتوحا فترمي الأغراض منه وتتوقف عن ازعاجي!

وفي أحد الأيام عاد جحا من السوق ومعه كيس مليء بالبيض ، ولمّا لم يجد زوجته التي ذهبت في زياراتها الصباحية المعتادة والباب موصد ، دار حول المنزل وهو فرح يقول بصوت عال:

عال تمام الآن أرمي كيس البيض من الشباك وأنصرف إلى لقاء أصدقائي في القهوة ! …

كانت هذه النكتة البريئة تضحكنا نحن الصغار بدون توقف ونعيد روايتها ونضحك من جديد ، وأراهن اليوم انك اذا رويتها لأي كان فلن يضحك وبالحد الأدنى سوف يبتسم ويقول لك إنها بائخة .. نعم لقد تبدلت الناس وفقدت طيبتها ونقاوة قلوبها وما عاد أي شئ يرضيها!

أما إذا أردنا أن نستمر في تلاوة الفكاهات فسوف نجد العشرات منها التي تملأ الكتب وهاكم  نكتة رواها  الكاتب الفذ ّ والالمعي الراحل سعيد تقي الدين عن الدكتور  شارل مالك ، وانتخابات الكورة.

وفي الخبرية : “اصطحبت امرأة ابنها  وقد بلغ سنّ العاشرة  من عمره ، الى مكتب شارل مالك الانتخابي. قالت للمسؤول هناك: بدي الدكتور مالك يفحص هالصبي، الو يومين مريض. فاجابها المسؤول : الدكتور مالك ليس طبيب صحّة بل دكتور في  الفلسفة. قالت له: معليش يا استاذ خيرية  خلّيه يفحصو بلكي معو فلسفة ” .

هذه النادرة تضحكني كثيرا  وفي الصميم لأنني أمضيت أكثر من ثلاثين سنة أستاذا للفلسفة وبقيت هذه المادة لغزا لدى معظم الناس وحتى لدى رؤساء المدارس الكبار من حملة الدكتوراه والذين كانوا يسألوني جهارا : لشو الفلسفة يا استاذ ما بتطعمي خبز ، وهم يعرفون أن الفلسفة هي أم العلوم وركن المعرفة . وفي كل حكومات العالم الراقي والمتمدن ، يعمدون إلى انتقاء كبار المسؤولين من دارسي الفلسفة إلى جانب الشهادات العلمية الأخرى لأنهم على يقين أن من يجيد علوم الفلسفة وأهمها المنطق والأخلاق تنخفض لديه  كثيرا والى حدّ كبير نسبة الخطأ وارتكاب المحظورات والجريمة في أدائه وسلوكه ومناقبيته !

في المحصلة دعونا نضحك ونفرح على الرغم من المآسي والأحزان فالابتسامة لا تكلف شيئا بيد أنها تفعل الكثير ! ولنعمل بما قاله اللورد بايرون:

إضحك كلما استطعت فهذا دواء رخيص …

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *