عيد الأم وقصة أغنية “ست الحبايب”

Views: 438

سليمان بختي 

تعود فكرة يوم أو عيد  الأم إلى الناشطة الأميركية آنا غارفيس غرانتون في العام 1908 من القرن الماضي إذ كانت تحاول تحقيق حلم والدتها وهو الاحتفال بجميع الأمهات.

في العام 1913 أعلن الرئيس الأميركي ودرو ولسون(1856-1924) عيد الأم الأول في يوم الأحد الثاني من شهر أيار كل سنة.

في بريطانيا يحتفل بالعيد في الأحد الأخير من شهر آذار.

وفي الهند يستمر الاحتفال بعيد الأم لعشرة أيام في تشرين الأول ويطلق عيله إسم “درجا برجا”.

 

أما في منطقة الشرق ألأوسط فقد ظهرت فكرة عيد الأم لأول مرة في كتاب “أميركا الضاحكة”  للصحافي المصري مصطفى أمين(1914-1997) كاتبا عن ذكرياته طالبا في أميركا وعن احتفال الأميركيين بعيد الأم. 

عاد مصطفى أمين ثانية إلى الموضوع في العام 1956 مقاربا فكرة مماثلة ليوم الأم في مصر. وفي 6 كانون الأول 1956 كتب علي أمين (1914-1976) (شقيقه التوأم) في عمود فكرة في “أخبار اليوم”:” لماذا لا نتفق على يوم من أيام السنة ونطلق عليه يوم الأم”.

تحمست النساء وطلب علي أمين من القراء اختيار اليوم و أجمعت النساء على إختيار 21 آذار من كل سنة مع بدء فصل الربيع الذي تتفتح فيه الزهور والقلوب.

ومنذ 67 عاما حتى اليوم ما زال العيد قائما وما زال الربيع يهل مع الدعاء للأم بطول العمر والسعادة والأمان. ولكن مع هذا العيد الجميل هناك أغنية رافقت العيد كالظل أو كالأيقونة واسمها “ست الحبايب”. 

 

ظهرت “ست الحبايب” 1958 (كلمات حسين السيد (1918-1983) ، ألحان محمد عبد الوهاب(1898-1991) وغناء فايزة أحمد (1934-1983). 

هنالك قصة أثيرة لهذه الأغنية مفادها أنه في مساء 20 آذار 1958 ذهب الشاعر حسين السيد لزيارة والدته واكتشف عندما وصل إلى شقتها أنه نسي شراء هدية لها بالمناسبة. جلس على السلم وأخرج ورقة وقلم وكتب كلمات جميلة رقيقة يعبر فيها عن حبه وتقديره لها.

كتب:” ست الحبايب يا حبيبة/ يا أغلى من روحي ودمي/ يا حنينة وكلك طيبة/ يا رب يخليكي يا أمي/ زمان سهرتي وتعبتي وشلتي من عمري ليالي/ ولسه برضه دلوقتي بتحملي الهم بدالي/ أنام وتسهري وتباتي تفكري/ وتصحي من الآذان وتيجي تشقري/ تعيشي لي يا حبيبتي ويدوم لي رضاكي/ …لو عشت طول عمري أوفي جمايلك الغالية عليي/ أجيب منين عمر يكفي/ وألاقي فين أغلى هدية/ نور عيني ومهجتي وحياتي ودنيتي/ لو ترضي تقبليهم دول هما هديتي/ يا رب يخليكي يا أمي يا ست الحبايب يا حبية وحبيبة”.

قدم الشاعر الكلمات لأمه التي قراتها وبكت فرحا وتأثرا، وسألته:” هل هذه الكلمات لها أم أنها أغنية من تأليفه؟ 

أجاب أنها “لك وحدك” ولكن لو رغبت في أن تكون أغنية فسيكون ذلك خلال ساعات وبصوت أهم المطربات ، فوافقت.

اتصل السيد فورا بالموسيقار محمد عبد الوهاب وروى له القصة وقرأ عليه الكلمات ووعد بتلحينها.

في اليوم التالي اندهش السيد وهو يسمع الأغنية بصوت فايزة أحمد من الإذاعة المصرية.

اتصل بعبد الوهاب مستفسرا عما حدث. فقال له عبد الوهاب:”أعجبت بالكلمات ولحنتها خلال 15 دقيقة واتصلت بفايزة أحمد ودعوتها على الفور للتدريب على اللحن. كانت الأقدار ميسرة حفظت بسرعة وأدت البروفات بسلاسة ويسر حتى مطلع الفجر. وفي صباح 21 آذار (عيد الأم) كانت فايزة أحمد تسجل الأغنية وتنطلق لتسمعها حضرتك”.

وبالفعل انطلقت الأغنية في سماء العالم العربي لتحفر اسمها في ذاكرة الجمهور وتصبح أيقونة عيد الأم وتضج بها كل الإذاعات والتلفزيونات. 

 

ولكن هذه القصة الشهيرة للأغنية بددتها الدكتورة حامدة حسين السيد ابنة الشاعر في كتابها ” عاشق الروح” وفي مقابلتها مع منى الشاذلي في برنامج “معكم” (آذار 2018). وقالت:” صحيح أن والدي كان ينادي أمه “ست الحبايب” ولكنه لم يكتب الأغنية على السلم بل كتبها على التلفون إذ كان بيملي الأستاذ عبد الوهاب كوبليه ورا كوبليه، والأغنية كتبت في إطار الاستعداد لأول عيد أم في مصر حينما حول وزير الثقافة الدكتور ثروت عكاشة(1921-2012) فكرة تدشين يوم الأم والتي نادى بها الصحافي علي أمين وقال للأستاذ عبد الوهاب يا ريت الحفل  يكون فيه أغنية نذيعها من ألحانك وعبد الوهاب رشح بالتالي حسين السيد لكتابة الكلمات. وهكذا كتب السيد الكلمات بسرعة ولحنها عبد الوهاب بسرعة أيضا وبقيا على التلفون لساعتين وأكثر يعملان  على الأغنية. كانت سهلة في الكتابة رغم عظمتها لأنها خرجت من القلب. وإحتفلت مصر بأول عيد أم في عام 1958″. 

هذه الأغنية باتت من التراث وجمعتنا دائما وغناها كثيرون ومنهم فايزة أحمد ومحمد عبد الوهاب وميادة الحناوي وفريد الأطرش وهاني شاكر وكاظم الساهر وشيرين ومحمد ثروت وجورج وسوف ووائل كفوري وعبد الهادي بالخياط وتامر حسني ووائل جسار وفايا يونان ودريد لحام وريهام ويارا ودنيا وناصيف زيتون وشهد برمدا ودينا وجاد نخلة وعبدالله بلخير وزينب حسن ومحمد عساف ورويدا عطية ومايا دياب ومي كساب وصفاء سلطان وجورج الراسي وصابرين وسارة الهاني وماريا قحطان وزينة عماد وروزا وبسملة كمال وزينب أسامة وماركو جمال وجورج خوري وجوزف عيسى وعمر اللباد وعبدالله الرويشد وغادة رجب وغيرهم. عدا العدد من الفرق الموسيقية والكورالية والمعاهد الفنية في مصر و العالم العربي. 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *