عقول الجائعين
وفيق غريزي
قضيت العمر لم أجد سوى صاحب
طرقت الأبواب لم يفتح سوى حاجب
كل طريق سلكته كان مقفرًا شاحب
تعلو على خواصره الأبراج والقصور
الهواء الملوث يسحقني
على شفتي سؤال طاف يستجدي
خيال صديق
او ظل رفيق
يناديني، تعال انا وحدي
اسامر في الليل وجدي
الناس حولي اطياف غريبة
ببعضهم لا يهتمون
ظلالهم تمضي سريعا لا ينظرون
عن هويات لهم وعن اسماء يبحثون .
***
هدير صاخب في الأذن يطن
سألوا بعضهم
هذا الشاعر من أين جاء
وهو ابن من؟
مثل وريقة في الريح طارت
ثم حطت.. ثم غابت في الدروب
الى غصنها لا ان تؤوب
بطن المدينة قاع ثلج ونار
تجتر في الليل اكباد الصغار
ليلها مواخر خمر.. وجنس.. وانصهار
في احضانها تنتهك بكارة الازهار
في الشعاب الوعرة تتعب الاقدام
بين لحظة ولحظة تسكت الانغام .
***
عبرت في سن الفتوة الجسور
تحت زخات المطر
نزلت في مدينة من حديد وحجر
بحثت عن حبيبتي
لم أجد لها اثر
ضاقت من هذه الدنيا
غيّبها السفر
نهشت روحها انياب الضجر
بلادي خرساء
شاهد فوق ضريح
تترجّح سكرى على حبال الريح
اليأس فيها صامت لا ينتفض
سيفا من غبار
او مدية شوك او نضار
وجهها شاحب لن يبوح
يلتمس العزاء في النوم
وفي السكون
انسانها من عيونه يشرب الدموع
***
لا اثق بصحبة الحكام والزعماء
في مملكة الابداع لي ندماء
لن ابيع كلماتي بالذهب الرنان
الشعر كي لا يموت على الاوراق
يحتاج عطفا.. وشوقا.. وحنين
الى نظرات تسقط من عرق الجبين
كي يعطي ثمارا
تغذي عقول الجائعين .
***
كبرت في حياتنا المأساة
انهكت ذاتي
القلب لا يرتوي دائما ظمآن
ظمأ لا يعتمد على الوهم والخيال
لم أفرغ جرابي من حصاد الفجر
من جني المساء
جمعت في الليل اشتات صمتي
وغادرت الحياة
الصداقة في وطن يعتمد التجارة
والنخاسة
مزيفة وعمرها قصير
في نهاية الطريق
تترك وجدانه فريسة
للعواصف والانواء …..
