نرجسيٌّ
يوسف قبلان سلامة
للنرجسيّ أسلوبٌ حارَت في شَرِكِهِ الضحيّةُ في نفسها
فمَلَذَّتهُ وهواءهُ ارْتشاف دماء الضّحيَّةِ وقهرها
غايته الوصوليَّة إشباع نزوتهِ ولو على حِساب الأكوانِ بأسْرِها وأسْرِها
فصورتهُ البطولية ما أراد زَرْعهُ في غريمِهِ
واهماً إيّاهُ بِمكافأتِهِ مدى العُمْرِ وتكريمِهِ
وهو لخليلِهِ ملك الملوك وسيّدٌ مُحَصَّنٌ بشباكِ عناكِبِهِ
في الإغواء النَّفْسِيّ مُدَبِّرٌ، موهماً الضحيّة بأنه ملكهُ الصّنديد
يَعْلَمُ من أين تؤكَل الكَتِفَ فترى فيه بطلك إياه متقمصاً والمَزيدِ
فتَخالهُ هو في عقلكَ الباطن حتى تًنَفِّذَ له بضعفكَ ما يريد
حتى يتضعضع عقلكَ فَتُسائلُ نفسك ما بالي لع طوع بِنانِ
إن هو إلا مُتَنَكِّرٌ نَكّارٌ للجميل ومن خلفكَ يُشارً لهُ بالبِنانِ
ما هو إلا مُخادِعٌ، إنما تجهلهُ ما فطره عليك برؤياكَ فهكذا تَراهُ
فاذكُر من أين سقَطت معهُ تدرك حقيقةً فيها خلاصُ
وتناءى عن عِشْرَتِهِ ففي النسيان دواءٌ وصِفَ في قرطاسِ
إن الشَّرَّ لَهاوٍ بأصحابِهِ كبيتٍ مُتداعٍ فاعتبِر يا حسّاسِ
هو لا يحس إلا بنفسه دأبه جمع النّضار ولو على حساب الناسِ
واعلم أنّه إنْ مُصابك إلا نقطة في بحر المادّة جَرَتْ في القديم في قياسِ
إذ لا جديد في أمورِ الخليقة أشفاء أم مرضٌ أو حربٌ وسلامُ
قد يغلب الطبع فيه فتراهُ في غَيِّهِ الجحيميّ مُقيمُ
إن البلايا دروسٌ والمُبْتَلي سيّدٌ مُدانٌ لا كلامُ
إنْ رؤياكَ إلا صُوَرٌ وأوهامٌ مضروبةٌ بأوهامِ
والحقيقة لَهيَ في الله بنظامه السماويّ الطاهر يجازينا وما خَلْفَ الغمامِ
فَبِيَدهِ النقمة وهي آتية كسَعْيِ البرق لا يدرك حتى في مَنامِ
واسْتَعذْ من شَرّ خُلُقِ النَرْجِسِيّ فإن هو إلا سلاحه إذا فيه تأثَّرْتَ
إن الفكاك من الشر لهو بالتضَرُّع لله لِقَطْعِ الصِّلَة برابِطِ الجحيم إذا قَرّرتَ
فما الخليقةُ والعُمْرُ إلا لحظة فمارِس الخير ففيه نفوسٌ قد جُبِرَتْ
بل وتشكرك البرايا والحجر والشجر ما اعْتَبَرَتْ
ولكَ أبواب الأبديّة مُشَرَّعَةً ففي الفردوس خيرُ المَقامِ
وأملي يا نفسي بالله الخير فمنه وبه وإليه عائد وما تشتهيه النفس فَمِنْهُ الدواءُ
ومجد الخالق بالعمل الصالح فبه تعالى أعضاءنا للخير التلقائيّ جُعِلَت
وما الغضب إلا ظنون ما رأت عينكَ وما سمعْتَ فَدَعْها وودعها ما حدثت
وبالحبيب الفادي الشفاء من بوصل روحِه حياتنا وكل ما دونه إلى فناءِ
