من يعتدي على الذوق العام في لبنان؟

Views: 348

سليمان بختي 

من يعتدي على الذوق العام في لبنان؟ من يعتدي على الحريات العامة والحريات الشخصية؟

ما يجعلنا نثير هذا الأمر في هذه المرحلة من تاريخ بلادنا هو الخوف بعد أن تعرضت الملكية الفردية في لبنان  الى ضربة في الصميم – جراء سرقة مدخرات المودعين وتبخر التعويضات والرواتب –  وبعد أن تعرضت الحريات بدورها الى ضربة قاسية أيضا. وماذا يبقى من لبنان في هذه الحال. 

رأينا أحد المشايخ يتعدى على حريات الآخرين في شاطئ صيدا باسم الحشمة واللباس المحتشم. إلى ذلك هناك إعتداءات تشن على جمال القرى والمدن دون أي تقدير للذوق العام. إن المحافظة على الجمال والتناسق من حسن إدارة الأمور. رأينا من يفترش الفسحة الخضراء الفاصلة بين خطي الأوتوستراد واضعا أركيلته والجمرات والصوت العالي. هناك عشوائية القبح المادي المتمثل في واجهات البنايات واللوحات الإعلانية وعدم تناسقها، وفي السلوك اللامبالي بين الناس. أو في رمي النفايات في الشارع كيفما إتفق.

وهل المدينة هي فقط شوارع ضرورة وزمامير ودراجات نارية وبنايات وجسور أم هي بشر يعيشون بسلوكيات فظة غليظة تبدو فيها أكثر خطرا من عشوائية المدن نفسها. وهل المدينة بلا قلب أو نبض أو إحساس ولا تتوجع من تراكم هذه الممارسات وتفلتها وثقلها.

والمدينة إذ ترى هذا العنف المجاني تقف حائرة مدهوشة.

والمدينة التي تتنفس عوادم السيارات ومولدات الكهرباء وضجيج سترنات المياه ألا تتوجع في كل وقت.

والمدينة التي تشعر أن هويتها في خطر ألا تتأذى ويصيبها الألم.

والمدينة التي تقتلع منها الأشجار وتفقد جماليتها وإنسانيتها الا تخاف من الأيام الآتية.

والسؤال، كيف نستعيد السلوك المدني الراقي في شعبنا؟ السلوك القائم على احترام الآداب العامة والنظام العام والذوق العام واحترام القانون والأعراف وحريات الآخرين. ومن يقف في وجه هذه الموجة من البشاعة والقبح والفساد والفوضى في أوسع تجلياتها في أرجاء الوطن. 

لا شك أن المحافظة على الذوق والجمال هو مسؤولية كل مواطن وكل مطوّر.

للمدينة روح ورسالة وجمالها ونظافتها ومراعاة ظروفها هو جزء أساسي من المواطنة.

ذات مرة شهدت هذا الحوار بين المؤرخ كمال الصليبي ( 1929-2011) والفنان أمين الباشا (1932-2019) حول كتاب ” بيروت أمين الباشا” (2009). قال الصليبي :”كيف إستطعت أن تنقل كل هذا الجمال في كتابك وتحفظه في اللون والعين والذاكرة؟” أجاب الباشا :” كنت أرسم وفي داخلي خوف أن يضيع كل هذا الجمال في المدينة ولا يسجله أحد”. قال الصليبي:”كتابك وثيقة جمالية واجتماعية عن مدينة فعلنا المستحيل كي نبشعها”.

علينا العمل لوقف هذه الممارسات لأن لكل مدينة رسالة تقولها من خلال قاطنيها. ولكن ما العمل ونحن نرى أن الحكومات والأنظمة والوزارات هي أول متعد على الذوق العام والحياة والحريات والحقوق المدنية.    

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *