أعنية “صافيني مرة” أطلقت مطربًا وملحنًا وقلبت موازين الموسيقى العربية 

سليمان بختي

أغنية “صافيني مرة” هي من أول أغاني عبد الحليم حافظ ( 1929-1977)  وأول ألحان محمد الموجي ( 1923-1995) وكتب كلماتها سمير محجوب ( 1929-1996).

غناها عبد الحليم لأول مرة عام 1953 وقال عنها:” هي التي أدارت الرؤوس علشان يعرفوا مين اللي بيغني”. وغناها ايضا في فيلم ” ايام وليالي” عام 1955.

حولت هذه الأغنية محمد الموجي من مهندس زراعي الى ملحن ورائد من رواد التجديد في الموسيقى العربية، وكذلك حولت عبد الحليم حافظ من عازف ابوا  الى احد اهم المطربين في القرن العشرين.

 

ولكن ما هي قصة هذه الأغنية؟ وكيف وصلت الى عبد الحليم؟

يروي الشاعر سمير محجوب ان قلب الموجي تعلق بفتاة جميلة هوايتها اللعب بالقلوب وليكتشف الموجي انه كان مخدوعا. حكى الموجي لصديقه الشاعر قصته وبدوره قرر محجوب ان يكتب القصة اغنية. وما ان كتب المحجوب المطلع وسمعه الموجي وقرر ان لا احد غيره يلحن الأغنية وهكذا فقرة اثر فقرة اكتملت الأغنية تلحينا من الموجي.

وضع الموجي اللحن سنة 1949 وقدمه لمطربة اسمها زينب عبده التي وقفت امام محمد عبد الوهاب الا انها اعتزلت قبل غنائها. اقترح الموجي الاغنية على عبد الغني السيد ورفضها. ثم عرضها على المطرب محمد عبد المطلب ورفضها. وعرضها على شهرزاد ورفضتها. وعرضها على كارم محمود وشكوكو وكذلك رفضاها.

واخيرا عرضها على عبد الحليم مصرا عليه لتقديمها بصوته. قبل عبد الحليم قائلا:” سأغنيها ورزقي ورزقك على الله يا موجي”.

 

سجلت الاغنية في الاذاعة المصرية لكنها لم تذع. وفي اول حفلة لحليم في الاسكندرية طلب الموجي ان يبدأ بالأغنية ولكن حليم اعترض ” كيف اغنيها ولم تذع من الاذاعة بعد؟” رد الموجي” اسمع كلامي ما فيش حل ثاني”. بدأ بها حليم والموجي كان خلفه في الفرقة الموسيقية ولكن الجمهور لم يتقبلها.

لم يثن ذلك من عزيمة حليم والموجي. اذ اعادا تقديمها ثانية في العيد الاول للثورة عام 1953 وبتقديم من يوسف وهبي (1898-1982) وشهدت الاغنية انتشارا غير مسبوق. وكانت فاتحة خير لهما معا.

ولكن ماذا في كلمات الاغنية:” صافيني مرة وجافيني مرة/ ولا تنسيني كده بالمرة/ صافيني مرة وجافيني مرة/ كنا سوى قلبين الحب جمع شملنا/ والعين تقول للعين احنا تخلقنا لبعضنا/ وابقى جنبك ولنيش   عارف   ايه ميخبي  / والقلب يبقى فرحان ليروح حبي/ تروح الفكر وبتيجي الفكرة/ وانت ناسيني كده بالمرة/ اسأل نجوم الليل تشهد على حالي يوم ما تغيب/ ويا القمر ياما سهرت الليالي من غير حبيب/ اشكي لوحدي يسهر مسليني/ من كثر وجدي يفضل يواسيني/ ويقول حشوفك مسيري بكره/ وانت ناسيني كده بالمرة/ لما تكون ناوي تجافيني/ قولي وان كان عليك اللوم/ ده رضاك يا روحي على عيني/ وانا بخاطري اكون مظلوم/ وان عاتبتك ابقى انساني/ وان جاوبتك ابقى اهواني/ بس افتكرني ولو بنظرة/ ياللي ناسيني كده بالمرة/ صافيني مرة وجافيني مرة”. 

 

اغنية بسيطة ورومانسية وشفافة ومنسابة برشاقة.

قال عنها المايسترو سليم سحاب إنها قلبت موازين الموسيقى العربية وفتحت الباب لظهور المدرسة الجديدة في مصر.

باتت الاغنية اليوم واحدة من كلاسيكيات الاغاني العربية وغناها كثيرون منهم: محمد الموجي وجورج وسوف ومدحت صالح ومحمد عساف وانغام وسمية بعلبكي ومحمد جمال وساندرا حاج وعلي شبانه وعامر منيب وعماد عبد المجيد وعاصم رسلان وغيرهم.

كما عزفها يحي الموجي على الكمان بمقامين مختلفين في برنامج “مع منى الشاذلي”.