إلى روح الوجيه الفانوس!

Views: 177

كلمة المهندسة ميراي عبدالله شحاده  رئيسة منتدى شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده الثقافي في كتاب “تحية إلى وجيه فانوس” في الذكرى السنوية الأولى لرحيله برعاية وزير الثقافة اللبنانيةالقاضي محمد وسام المرتضى.

 

عامٌ مضى،  وأوغلتَ أيّها النورس في سفرك الأبديّ، وراء الحجب… رحتَ ترسمُ للشمس دوائر الضوء وتكحّل صمت الليل بيراعك الفانوسيّ، تارة يرشح نجمةً وطوراً يرسم قمراً؛ والأبدُ يتحرّك بين راحتيك ومن مقلتيك تسّاقط حكمٌ وقيمٌ ومرايا للسؤدد شاهدات …

ونحن هنا، نرنو للسماء وكيف أشعلتَ في رحيلك الماء ورشَحتَ الزيتَ في الضادِ ويشهدُ عليكَ معاً الصليبُ والهلال… وتشهدُ عليك الوهاد والجبال، يا من على شرفات المجد تهادت أحلامك وأمانيك وأينعت فيها جنائن فكرك وزرقة دواتك ونزف أقلامك.

 إلى رحم الكون عُدْتَ، وكم أوجعنا هذا الإياب !

جلبابُك المدى، وأنت تطير في ربوع الخلود تنثر بخورك أعياداً في السماء وتعزف في الآفاق رؤاك مع الحاوي (خليل حاوي) وعبدالله شحاده (أبي) ومن سبقك إلى الفوق، تنصب أراجيح للشمس، للقمر، للنجوم وللإنسان وتطلق أقواس قزح من فرح وأهازيج الغياب تحدو ما بين أرض وسماء!

 

علّك تعود إلينا في غيمة تتهيّأ للبكاء ونحن، ما جفّت مآقينا ومنجل الردى اجتثّ ناياتك من بيروت والفيحاء…وهياكل الشجون غدت ناطحات سحاب! بعدما أترعت لبنان والعرب فلسفةً وحكمة وأدبًا وخشوعاً في الكلمات و قدس صلوات.

لن أنسى يوم رفعتَ يمناك في نوّار 2022 وحيّيت من مسرح الأونيسكو شاعر الكورة الخضراء ورفعت مدوّيًا رايات الجلاء!

قلتها لك في ذكرى الأربعين وأعيدها على مسامع الدنيا: ولوعُزف إيقاع الغياب، أنت حيّ تخاطبُنا أملًا من خلف هذا الإعصار، من ثقوب الفناء. ولهاث قيثارتك يُزهرُ باسمك الكتب والدواوين في المداد.

أيّها العبقريّ، لا عجب أن تتفجّر في رثائك الأقلام، فأنت صانعها وباريها، ملأتها حبّاً من ثغرك البسّام فشغلَ اسمك الدنيا وتناقلته فخراً  بيد وآكام، وأنت في الفلسفة وأنسنة الإنسان ارتقاءٌ وهامُ!

طوباك يا معبقرَ الأفذاذ في مدارج شذاك! طوباك يا مفجّر الحناجر ومقالع الجمال!

طوباك يا راقداً في الثرى، يُبعثُ حيّاً في كلّ ذكرى توجّد لك واشتياق!

أهديك اليوم يا ملهم الأجيال وفانوسها، في عامك الأوّل، نبض فؤادي وقريض أبي:

“نم ملء عينيك عن دنياك مبتسما

 فالعمرُ في غمراتِ الشوق محدود

غداً يُقالُ متى اخضرذت خوالدنا

 كان الكمانُ، وكان النايُ والعودُ!”

 أيّها الوجيه الخالد، ها هو لبنان أرزاً وزيتونا وعلى، ينحني لك فلّاً وخزامى، ويكتبُك بقوافي الحبِّ بردًا وسلاما…

إن تنم، ما تنامُ رحيقُ ذكراك… ينتشي بها الفجر مع كلّ شمس وتوقظُ في الأوطان الأقلام النيامَ!

نَمْ على الغار الجريح…

نَمْ في أحضان الخلود

يا حبيب الجودِ والفكر السميح

بلسِم من عليائك هذا الوجود!

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *