وَشمٌ صَباحِيٌّ (57)

Views: 431

د. يوسف عيد

 

اِغرِسْ زَيتونةً،

ولا غَروَ فإنَّ غَلّةَ الزَّيتونِ في كَثرَتها وطولِ دوامِها

تَعدِلُ غَلّةَ أعظمَ الأشجار نفعاً.

هذه هي الشَّجرةُ المباركةُ في الإنجيل والتَنزيلِ،

شجرةُ الزَّيتون .

شَجَرةُ البحرِ الخالدِ .

شَجرةُ الحَوضِ الذي نَبتَتْ عليه حَضارةُ الإنسان،

وَدارتْ حولَه ولا تزالُ تدور.

مِن أغزرِ الأشجارِ نَفعاً،

وأطولِها عُمراً،

وأقلِّها نفَقَةً.

كَريمةٌ تُؤتَى من ثَمَراتِها ما تَشتَهيه الأنفسُ،

وتحلَمُ به طِيبُ الطَّعام .

تُؤتَى من عَصيرِها النُّورُ،

والطِبُّ،

ومُسوحُ الإهابِ،

وبَرَكةُ القداسةِ،

ومَشحَةُ المَرضى،

وطَهارةُ اليَدين،

ومِن خَشِبها صُورُ المَحاريبِ،

وأعوادُ الصِّلبانِ،

والأيقونات،

ومِن وَرَقها أكاليلُ الأبطالِ وتَحيّاتُ البشائر .

ومِن روحها قوةٌ للنفسِ والجسدِ ،

ومِن غِصنها السَّلامُ والمحبَّةُ والخيرُ .

بوركت في وَحْي المعابدِ والكنائسِ ومحابس القديسينَ

وبوركت في رموز القرائحِ والخواطر،

فلم يعرفِ النّاسُ أمنيةً لا يرمزون لها بِسِماتها وأسمائها.

ولم يذكروا نَغمَةً لا يذكرونَها بنغائمها.

رمزوا بها إلى الضِّياء،

إلى السَّلام إلى البَرَكة في البيت

وتزوَّدوا منها وادَّخَروها.

لذلك نَصَحَني جَدّي أن أحفِرَ تحتَ كلّ زَيتونةٍ

حِفرةً لأطمُرَ فيها  أخطاءَ الأصدقاءِ،

وأنساها وأنظرَ الى بركة الزّيتونة

فيبقى صديقي لأنّي أرى فيه بركتها،

ولا أرى الأخطاءَ،

فَتدومُ عليَّ الصَّداقةُ.

(صبَاح الزيتون)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *