لبنان وطن الحريّة

Views: 1384

بعد مئويّة صاخبة بالنجاحات والاخفاقات، يبقى الأهمّ أنّ لبنان ظلّ وطن الحلم الذي يطمح إليه كلّ حرّ وشريف في هذا الشرق. ومهما قست الصعاب على هذا الوطن، يبقى الأمل في استمراره رهنًا بروح الشباب الرافض للاستسلام. لذلك، ولمناسبة عيد الاستقلال، الذي يطلّ علينا هذه السنة مثقلاً بالمصاعب، تكتب ثلّة من المتعلّمين عن “لبنان الوطن” الذي يحلمون بالبقاء فيه وبناء مستقبلهم في كنفه…

 هنا النص الأول بعنوان “لبنان وطن الحريّة”.

 

ريتا روبير ابو نعوم

*مدرسة “سّيدة الملائكة”، بدارو، الصف الثاني ثانوي

 

لبنان، وطن الحرية والجمال، وطن الحب والسلام، لم يعد كما كان، بل أصبح أسير الحروب والنزاعات والانقسامات. وطننا يتفكك، وطننا يتألم، وطننا يحارب، ونحن نستسلم! نهاجر، نفر من المنافسة والمواجهة، نتخلى عن أرضنا، نتركها بين أيدي القليلين الأوفياء الذين يحاولون الدفاع عنها ولو دفعوا حياتهم ثمنًا! 

أذهب دم شهدائنا هدرًا ونسينا التضحيات التي قاموا بها على مر العصور كي لبنان صامدًا؟ أين خلودنا وصمودنا أمام كل المصاعب؟ أين رمز فخرنا، أرزتنا المتشامخة في جميع أنحاء بلدنا، إذا ماتت قيمتها الحقيقية في قلوبنا وإرادتنا؟ ما هو مستقبل لبنان إذا تخلى شعبه عنه وتركه ضحية الخراب والدمار والمؤامرات؟

تعرض لبنان للكثير من الحروب التي أّدت إلى هدمه، فهجر الكثيرون هربًا من الضيق وبحثًا عن البحبوحة والرخاء، تخلّوا عن وطنهم وساروا على طريق يعتقدون أنها قد توصلهم إلى السعادة، بينما هي ليست سوى هلاك محتّم. فالوطن محبّة، وكوخٌ ينبض بالحب خير من قصور قد يملأها البغض والوحدة وتتحول فيها القلوب إلى حجارة.

الوطن ليس لفظًا بلا مضمون، إنه أرض وإنسان وخزين تراث وذكريات تختبىء في البال. وكل إنسان له مهماته وواجباته تجاه وطنه، ولا يتمّ تخطي المصاعب إلا بتعاون شعبه واتّحاده. فالمحاربة الفردية هي كمن يقطف زهرة في نهاره، ويأتي في المساء ليصنع منها باقة، لا تكفي لصنع الانتصار. 

الوطن واحد، ولا يحيا ويستمر إلا بوحدة شعبه؛ فالصراع داخل الوطن كالمرض في جسم الإنسان، يأكله رويدًا رويدًا حتى يتغلّب عليه ويحوّله إلى تراب يجرفه المطر حين تهبّ العواصف من الخارج ولا تجد من يتصدّى لها فتبتلعها تحت بكاء السماء ونحيب الطبيعة.

وهكذا، فإنّ لبنان لا وجود له بلا شعبه، فنحن الأعمدة التي يسند وطننا رأسه عليها مطمئن البال لوجود من يحمله ويبقيه صامًدا ويبعده عن لهيب النار. ولكنّنا نرى أحيانًا بعض الأساسات تسقط وتختار الاستسلام فتتخلّى عن البقية وتهاجر إلى بلدان أخرى لتتحرّر من المسؤولية الوطنية. تسألهم عن السبب فيقولون: “لا مستقبل للبنان!”  كلّا، نحن المستقبل ونحن الأمل، ومصير وطننا يتعلّق بتصرّفاتنا وقراراتنا والدفاع عنه ليس عبئًا، بل واجب نقوم به حبًّا له. ما زلنا نستطيع التغيير، ما زلنا نستطيع الحفاظ على حرية واستقلال لبنان، فلنتسلّح بإيماننا وبإرادة صالحة تقتحم الصعاب بلا خوف وتتحدّى الموت ولا تهابه، ولندافع عن أرضنا بكرامة وعزّة نفس ووفاء!

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *