تقديم ندوة كتاب” تموزيون، ولكن شعراء” ليوسف عيد

Views: 960

د. جان توما

وسّعوا صدر مجلس الليلة بيننا ليتربّع الجرح النازف الممتدّ في البال كأغنية، يا أخت، عن بلدي، نامي لأكتبها… لأحفرها، وشما على جسد الأطفال. مليونُ سلام شاهدٌ لأهل لبنان َوغزّة. مساءُ الخيرِ لأهلِ تموز من أهلِ تشرينَ الثاني المجتمعين في هذه الأمسيّة، إذْ جعل التموزيون شهرَهم حاملًا لألفِ أملٍ ومليونِ قَبَسَ نورٍ، لذا يأتي الكتابُ ليذكّرَ بالأصولِ الشعريّةِ الإبداعيّةِ في عصٍر تزلزلَتْ فيه مقاييسُ الجمال. الشعرُ تجربةٌ مع آخرين، لا تقومُ به شاشةٌ أو فسبكة أو وتسبة، الشعر آخرٌ ووجه وشعور، لا انعكاس وجهك في شاشة ولا برودة في أزرار إلكترونيّة، ولا شعر تقوله لنفسك ، بل جلجلة نبض، ورفّة عين، ودقّة قلب سريعة، وهذيان باسم من تحب، وما عدا تموز، عاديات تصبح الشهور، إذ وحده يحسن التربّع والبروز. 

ربّ قائل، عندي محبرة وعندي يراع وعندي تموزيات أفكار، صحيح ولكن لك أيضا أذنان ولا تسمع، وعينان ولا تبصر، قال ياقوت الحموي عن ابن جنّي إنّه ” كان ممتعا بإحدى عينيه”،لأنّه كان أعور، ليست القضية في اكتمال الحواس، بل في الرقّة والشعور والإحساس، فالكلمات عذارى، يولد معناها في الذهن عاريًّا، ويلبسه المبدع حلّة الكلمات كما في تموزّيات، ولو ولدت القصيدة في الشهر السابع، إلاّ أنّها كاملة السنّ، ولمن لا يؤمن ” تعال وانظر”، فالآية الشعريّة تتحقّق في الأسطورة والرمز لنهضة واقع لعبور الجسر خفافا.

تقديم الدكتورة ربى سابا حبيب

تموز قصيدة الشعر وإعصار أبيات الشهور. هو عباءة ريح التغيير ونسائم التبدّل والتصحيح. في تموز، وكما يغلي الماء في الكوز، تغلي الثورة في قلب الشاعر الإصلاحيّ وبه يلوذ، ومن مضى مع تموزيّ الشعر يدرك أنّ كلّ شيئ يجوز، فالعالم المرجوّ عندهم يرجو أن يكون، وأن يأتي عصر تحقيق الأحلام. من هذا العالم تأتي ربى سابا حبيب خارجة من الكلمة إلى الكلمة، في التعبير والتغيير، وتطلع كالحلم من قارورة الأحلام، عازفة مزمار في مغناة “بروحي تلك الأرض ما أطيب الربى”، فكيف إن نطقت الربى بما رأته في روابي يوسف عيد؟

تقديم الشاعر سهيل مطر

مع المطر أنت تكتب بمحبرة مائيّة كعاشق خطّ  سطرًا في الهوى ومحا. تذهب مع سهيل في المطرة الأولى إلى ذلك الفلك المبهر، فلا تخف من الثقب الأسود، فهو يقودك إلى معارج الضَياء. قاموس سهيل مطر مغسول بجدائل حلوة تلهو على جلول كروم العمر، فإن قطفت عنقود أيام، أو ارتشفت خمرة عروق حبات العنب، فأنت ماض إلى ماضٍ من الجمالات التى إن استمرت فلأن مثل سهيل مطر يخطّ قلائد من جُمان الكلام ليطيب عيش الأيام على الرغم من ألم الزمان.

ضعيفة كلماتي أمام بحر سهيل مطر، فإن فتح كتابه رماك بألف ألف ربيع. منذ التقيته للمرّة الأولى أدخلني إلى مطارح التعليم الجامعيّ، قال لي: هنا ملعبك، فلا تلهو بكرة التقليد وتسديد الهدف، بل خلِّ نظرك إلى فوق، اترك قدميك على الأرض، وافتتح مجرّى أحلامك وانسى الوجوه والأسماء، وارسم عالمك بريشة النجوم وتنهّيدة السماء.

تقديم الدكتور ديزيريه سقال

يلتفت في مسالكه الأدبيّة إلى الصورة الفنّية، فإن عثرت عليه يهرب منها إليها، فهي مداه وملجأه من تقلبّات العمر. يعرف مفاتيح الكلمات، فإن فاته مفتاح استعاض عنه بتغريد عصفور، وخرير جدول، وبوح الياسمين، يستدلّ إليها من ذاك العطر الخفيّ الذي يترك أثره في قصائد الجميلات المشغولة بمناديل الذكريات. لعلّ ديزيريه سقال من القلائل الذين فهموا تموز الشهر الثالث عشر في الولادة الإبداعيّة، إذ يقول في آخر حداثاته: أمشي إليّ وأرتدي عمري/ وعمري خارجٌ من وطأةِ الزمن/ هذا أنا… سمّيتُني/ قسمَتِ الأشياءُ فيّ بذاتها، ورأيتُ ما حملته آلاف العصور/ فماذا يقول في ما جاء به يوسف عيد في تموزيّاته؟    

تقديم المهندسة ميراي شحاده

هل من إمرأة تنصرفُ إلى تلمّس الورق والنصوص لمعرفة الوزن والحجم لمعرفة دواخلَ زاهية، عوض التلهي فحسب بتلمّس نوعية القماش لزينة خارجيّة غيرُ ميراي شحادة؟

هل من إمرأة تنظر إلى آليةِ الكتاب، تبحث في شُحناته الفكريّة الخادمة بناء المجتمع استنارة، فيما تأتي من هندسة الميكانيك لتكون الحياة في الجامد البارد غيرُ ميراي شحادة؟

الشكر موصول لمنتدى شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحادة الثقافيّ الذي لم يورّث الوطن قصائدَ من كلمات، بل أورثه قصيدةَ عمره، ميراي، لينعمَ الكتاب بالنور ويولدَ من جديد.

تقديم الدكتور يوسف عيد

ينطق في هذا المساء، وقد اعتاد التهجئة مع طلوع الفجر، لكن شمس كلماته كتموز لا تغرُب باكرا، بل تستفيض في النور والحرارة والمحبة والسعي نحو الحقيقة ولو من معارج الأسطورة والرمز. ياخذك إلى مدارج مساكب الأرض في تيه مفرداتها وروزنامة شهورها ليعمّد الكلمات بندى تموز لتتثاءب في قصائده وأبحاثه كما يتثاءب موج البحر بخجل على رمل الشواطىء، وكما تمضي الهضاب بخفر إلى ما وراء الأفق مع شمس غروب بانتظار وشم الصباح. 

تقديم المحامي الشاعر شوقي ساسين

تمدّدت وزارة الثقافة واجتاحت البلد بحضورها ورعايتها وسهرها على الحراك الثقافي العام والمديني والربفيّ إيمانا من الوزير القاضي محمد وسام مرتضى بأنّ الثقافة رغيفُ خبز يوميّ يشتهيه ، طالعٍ من بيت النار، كلُّ متذوّق ونَهِمِ لمعرفة أو علم.

***

*وقّع الدكتور يوسف عيد كتابه الجديد “تموزيون لكن شعراء” في احتفال نظمه “منتدى شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده الثقافي” (ناشر الكتاب)، برعاية وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى ممثلا بالمحامي شوقي ساسين  في قاعة المؤتمرات في الرابطة الثقافية –طرابلس، قدمه د. جان توما وشارك فيه: د. ربى سابا حبيب، د. ديزيريه سقّال، د. سهيل مطر، المهندسة الشاعرة ميراي شحاده رئيسة منتدى شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده، د. يوسف عيد، المحامي شوقي ساسين، وحضره حشد من أهل الفكر والثقافة والإعلام. 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *