أجيالنا تستحقّ لبنان

Views: 188

بعد مئويّة صاخبة بالنجاحات والاخفاقات، يبقى الأهمّ أنّ لبنان ظلّ وطن الحلم الذي يطمح إليه كلّ حرّ وشريف في هذا الشرق. ومهما قست الصعاب على هذا الوطن، يظل الأمل في استمراره رهنًا بروح الشباب الرافض للاستسلام. لذلك، ولمناسبة عيد الاستقلال، الذي يطلّ علينا هذه السنة مثقلاً بالمصاعب، تكتب ثلّة من الطلبة عن “لبنان الوطن” الذي يحلمون بالبقاء فيه وبناء مستقبلهم في كنفه…

 هنا النص الثالث بعنوان ” أجيالنا تستحقّ لبنان”:

 

مارتن مهنّا

*مدرسة “سّيدة الملائكة”، بدارو، الصف الثانوي الثاني

تحمل كلمة الوطن الكثير من المعاني المختلفة والمتنوعة والمتناغمة في الوقت نفسه. فهي معانٍ عظيمة وعميقة إلى الحدّ الذي لا يمكن تصويره، إذ يتضمن معنى السكينة والاطمئنان والأمان، والعطاء لأبنائه دون حدود أو انتظار مقابل، وهو ما يقصد به الحبّ المجّاني؛ وبذلك يصبح الوطن هو المكان الذي لا يوجد مثله مثيل، ولا يعوّض عنه بديل.

الوطن هو بمثابة الأم والأسرة والحضن الدافئ لكل مواطن على أرضه. يولد حب الوطن مع الإنسان، حيث يشعر بأن هناك علاقة تربط بينه وبين هذه الأرض التي ينمو في حضنها ويكبر. ويعتبر حب الوطن رمزًا وفخرًا، لذلك يجب أن ندافع عنه ونحميه بكل قوة. وأن نحفظه كما يحفظنا، وأن نقدّره لتوفيره الأمن لنا، فلهذا للوطن حقوق على كلّ فرد أن يلتزم بها، ما دام يعيش فيه، ويأكل من خيراته ويشرب، ومن هذه الحقوق المحافظة عليه، وحمايته من كلّ شر، والارتقاء به إلى أعلى المراتب، والمحافظة على نظافته، وحماية ممتلكاته العامّة، وأن نفديه بأرواحنا في حال تعرّض لأيّ خطرٍ، ومن واجب الدولة أيضًا أن تحافظ على الوطن وتحميه، وأن تعدّ له الجيل القوي المتين. عن طريق إعداد الشباب وتدريبهم وتعليمهم، فهم الحامي الأول والراعي له.

 إضافة إلى ذلك، فإنّ للوطن حقوقًا على الآباء والأمهات، حيث يتوجب عليهم أن يعلموا أبناءهم فضيلة حبّه، وأن يغرسوا في قلوبهم القيم والمبادئ التي يجب إتباعها، كما عليهم أن يحرصوا على بناء أولاد أقوياء أصحّاء جاهزين لخدمة الوطن في أي وقت كان. ولو نظرنا إلى تاريخنا لرأينا الكثير من الأبطال الذين سقوا أرضهم بدمائهم للدفاع عنها وتحريرها من الاستعمار. 

فهذا كلّه نابع من فضيلة حبّ الوطن، والتضحية من أجله بالدماء والأرواح، فلا يمكن التهاون مع مَن يسرق الأوطان ويستعمرها، وليس علينا أن نخاف إذا قمنا بإنشاء جيل يضحي بكل ما يملك من أجل وطنه، فهو تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا، الذي سيصنع أمجادنا ويسطّرها على مرّ الزمان.

 الوطن هو المكان الذي ولدت فيه، وعشت في كنفه، وكبرت على أرضه وترعرعت تحت سمائه، وأكلت من خيراته، وشربت من مياهه، وتنفّست من هوائه، واحتميت في أحضانه، فالوطن هو الأم التي ترعانا ونرعاها. الوطن هو الأسرة، ننعم بدفئها، فلا معنى للأسرة من دونه، والوطن، هو الأمن والسكينة والحرية، وهو الانتماء والشرف والتضحية والوفاء، وهو أقرب الأماكن إلى قلبي، ففيه أهلي وأصدقائي.

 ويدفعني حبي لوطني إلى الجد والاجتهاد، الحرص على طلب التعلم والسعي لأجله، لكي أصبح يومًا شابًّا نافعًا، أخدم بلدي، وأنفعه، وأردّ إليه بعض أفضاله، فهو أغلى ما في حياتي، لذا يجب أن أحميه وأدافع عنه ضدّ الاخطار والأعداء، والتضحية في سبيله.

الوطن ليس كلمة نردّدها في الأناشيد، بل دم يجري في العروق، ومن دونه لا نستطيع أن نكمل حياتنا، فحبّه وحمايته فرض وواجب على كلّ مَن يعيش في كنفه ويتمتّع في ظله.

 فهل نحن حقًّا نستحقّ لبنان وطنًا لنا؟ 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *