ليلة الميلاد هيّا

Views: 693

د. جان توما

توسّد الطفل حجرًا.شدّ حجرًا آخرَ على معدته كي لا يجوع. نام ،وفي قبضته حجر.هذا كان كلّ حلمه.

خرج الطفل من تحت الركام. سأل عن والديه واخته الصغيرة. عثر على دمية أخته، سألها عنها. ما إن فتحت فاها،  أسكتها. لم يكن يريد أن يسمع. همّه كان أن تبقى معه، وهذا كلّ حلمه.

وقف طفل الركام أمام عجقة طلاب صحن طعام. تهافت الفتية لينعموا بكسرة خبز وقصعة حِساء. كان المطر يبلّل وجنتيه بذكريات مع والديه، كان همّه أن ينمو بينهما، وهذا كلّ حلمه.

أطفال الحجارة صاروا إلى العراء. التحفوا السماء. كلّ وجه طفل اليوم يبحث عن وجوه أهله بين المنازل المهدّمة والأكواخ  المستحدثة. ما زال صوت رنّة لقاء صنارتَي صوف جدته في أذنيه في تلك السهرات الدافئة التي كانت كلّ حلمه.

 لن تجدوا طفل السلام في مغارة السلام، بل ستجدونه خارجًا ما بين الركام، إذ سيولد الليلة بين إخوته وأحبته، سترونه في دمعة كلّ طفل، وجرح كلّ مصاب، وحزن كلّ أرملة، وحيرة كلّ يتيم. اذهبوا إلى من وحّد نفسه مع الفقراء والمرضى والمشتتين، يرتاح بينهم، يقدّم لهم التعزية، قوتًا ودواء ورحمة، وهذه رسالته.

لن تجدوا المسيح في المغارة، ولا في الهياكل الضخمة، لقد خرج إلى أهله المطروحين في الأرض المحروقة، وركام البيوت، وفي الأجساد العارية المتهالكة، وفي كلّ كسرة خبز تشتهي فمَ جائع، وفي كلّ قطرة ماء تسعى إلى فمِ عطشان. ارفعوا الصلاة لأجل أهل مدينة الصلاة، بهيّة المساكن، زهرة المدائن، وطن السلام، وهذا سعيكم.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *