تُوْمِئُ بِالشَّوْقِ الدُّرُوْب!
مُورِيس وَدِيع النَجَّار
يا أَخِي، والعُمرُ ماضٍ في الهُرُوبْ، والصِّبا الرَّاحِلُ هَيهاتَ يَؤُوبْ
ولَيالِينا غَمامٌ تاهَ في رَفْرَفٍ عالٍ، وأَنغامٌ تَذُوبْ
نَحنُ نَمْشِي والثَّرَى يَسخَرُ مِنْ خَطْوِنا الضَّائِعِ في تِلكَ السُّهُوبْ
يا صَدِيقًا، والعَصافِيْرُ أَوَتْ، وعلى الأُفقِ تَباشِيْرُ غُرُوبْ
قُمْ إِلى الخَمْرَةِ، نَهتِكْ رُوحَها، فَهَوَى العُمْرِ بِقِيْثارٍ، وكُوبْ
سَبَقَتنا، فَوقَ هذِي الأَرضِ، مُذْ غُرَّةِ الدَّهْرِ، فُرادَى وشُعُوبْ
كَتَبَ التَّارِيخُ فِيهِمْ أَسطُرًا، ونَأَى عَنها، فَوَشَّاها الشُّحُوبْ
بَعضُها يَنْضَحُ بِالطِّيْبِ، فَكَمْ عَبِقَتْ مِنهُ صُدُوْرٌ، وقُلُوبْ
وعَلَا البَعضَ سَوادٌ فَإِذا صَفَحاتٌ كالِحاتٌ، ونُدُوبْ
هل تُرَى تَرْوِي الدُّنا عَنَّا ولم نُشِدِ الأَبراجَ، أَو نُذْكِي الحُرُوبْ؟!
نَحنُ أَنسامٌ على تَحنانِها سَكِرَ الرَّوضُ، وغَنَّى العَندَلِيبْ
لَيتَ شِعرِي إِذْ رَمانا الدَّهرُ في كَفَّةِ التَّارِيخِ لَم تَرشَح عُيُوبْ
نَحنُ أَذنَبنا، ولكِنْ ذَنبُنا أَبيَضُ الوَشمَةِ إِن قِيسَتْ ذُنُوبْ
حَسبُنا أَنَّا عَبَرنا فإِذا، خَلفَنا، تُومِئُ بِالشَّوقِ الدُّرُوبْ!
