مُختارات شعريّة وخواطر نثريّة لتوفيق عكو

Views: 170

فِداكِ الدَّهرُ

 

في المشرق تَقولْ

أجيالٌ للحقولْ:

“لَكِ

اعمارُنا نَهرُ

فِداكِ الدَهرُ

ما هَمَّنا قَهرُ،

يَسترجِعُ التِلال

الضفافَ والجبال،

اطفالُنا اوصالُنا

وُرودُنا الحُمرُ”

 

شَعبٌ 

على لائحةِ إعْدام

وعالَمٌ أوَّل يُراكِمُ الظلام،

يُقتَلَعُ من ارضِهِ شَعبٌ

إلى صَحاري النسيان

خلفُهُ يُبنى جِدارٌ

تُنبَتُ اسوارْ

يُلغى دَربُ العَوْدَة

يُمحى جَسَدُ المكان

و صَمْتُ طِفلٍ نائم

يَقصِفُ وَجْهَ الظالم

بفائض الطغيان

صَمتُ طفلٍ حالِم

يقاتِل القاتل

يُنازِل الباطل

في محكمة التاريخ

في ساحاتِ الزمان

 

وفي مَقلِبِ الأرضِ،

أشلاءٌ ،

رُكامٌ و دُخان

تدفّقت  ِشتاءَ سخطٍ

صواعِقِ وِجدان،

حناجرُ غضبٍ هادر

صُراخُ  كلِّ مكان،

قاماتٌ في الشوارع

ايدٍ تُشعِلُ قَبَضات 

  لِلحُرّية تَهتِفُ ساعَة

و للعدالةِ ساعات،

للحياةِ تُنشِدُ اغنيةً 

تَتَوَهَّجُ بالحياة

بقُدسِيَّة الاصالة

رَسوليّة  الرِسالة

بالحَقّ والوِجدان

و كرامةِ الإنسان

 

***

 

 هيرودوسْ عاد

 

 

صُراخٌ في الوديانِ و التخومْ

ونحيبُ شجر

ظلامُ التاريخِ عاد

و شَلاّل  دماءِ من وجهِ القمر

نَصْلُ خِنجرٍ مَع خناجرَ غادرَة

      يُطارِدُ عُنُقَ آخرِ طِفلٍ

بَيْنَ غزّةَ والناصِرَة ،

 

في عَتْمةِ ذلكَ اللّيل

لَيْلُ الأرضِ الوحشيّة

صَرَخَ:

  اليّ إخوَتي ذئابُ المدنيّة

 كِذبَةُ العالَم الأوّل زَحفَت

أتَت السُفُنِ الدَمَويَّة،

 

إلَيْنا

أزمِنَةُ ظلامٍ غابِر

عَبَرَت

بِوَجهِها القديمِ حَضَرَت،

هناكَ حَيْثُ يُطْبِقُ الجّحيم على شوارِع

يَقِفُ طِفلٌ رَسَمتهُ بالأبيَضِ قنابِل

غَمامةَ قِيامةٍ بيْضاءَ

يرتفعُ ،

يَنبِشُ بِعينيهِ بيْن الحُطامِ

صَدرَ امّ ،يَدُ والدٍ ابتلَعَها رُكامْ ،

 

هيرودوس انظُر تحتَ الشمسْ 

ها هي قوافِلُ أجيالٍ تَعودْ

مِن انتِظار سِنينَ تَعود

زَحفُها يَرسُمُ  قَوْسَ الأفقِ في الأرضِ السليبة

يَخفِقُ صَدرَها بِحُبّ الأرض

بأَيْقوناتِ مفاتيحِ البيوت

تَعودُ و مَعَها الشَجَر

ذَهَبُ التُرابِ

أجنحةُ الطّيْرِ

وَ المَطر ،

 

هيرودوس أنظُر تحتَ الشمس

قَتلاكَ  جرحاكَ تُزهِرُ شقائقَ نُعمان

سيَحْفِرُ الطيْرُ في الوَعرِ

وَ ينبِشُ الأيْدي وَرَقُ الزهرِ

سَتَعلو في الحاراتِ منازِل

وَتُضيءُ فَوْقَ البيادِرِ سَنابِل

سَتَكبُرُ سُفُناً الزوارِق

يَرقُصُ بِحملِها الشّبَك

في السِّلال سَيَضْحَكُ الليْمون

وَيُغنّي بيْنَ القُطافِ وَ المعْصرَةِ الزّيتون ،

 

هيرودوس 

      سَيرجِعُ الاطفالُ وِزّالاً وَ سِندِيان  

وَ تَعودُ إلى التّلال التّلال

يَعودُ إلى الهِضابِ ضَباب

سيَفرِشُ الشَجَرُ ظِلّهُ في المداخِل

و يُسَفِّر الاطفالُ بطائرةِ الوَرَقِ المنازل

سَيُغَنّي القَصَبُ للريح

ويَدْعونا لِحَفلِهِ وَرَقُ الشّجَر

سَيَنزِلُ القمرُ الاعراسَ معِ النجومَ للسَّهَر

و يَأخُذُ مَعَنا بَينَنا صور

  

 

أما أنت

جَلاّدُ الاطفالِ

زُرقَةُ الموْتِ

عَدَمُ الأممْ

لن يكونَ لكَ حتى في النِّسيان مَكان

غداً  من حوّلتَهُم أعْمِدَةَ دُخان

اطفالُنا

سَيَرْمونَ بِكَ بعيداً

إلى مكانكَ في اللامكان

إلى نوحَ يَتدَبَّرُ لكَ اماناً

ولَن يُعطيكَ أمان 

   بَل يَرمي بك

حِساباً قديماً

يٌنهيهِ طَوَفان

 

***

 

 أنظِمَةٌ تُصفّقُ لِحصادِ الدمِ

و شعوبٌ تصرِخُ مَرارة

حُكاّمٌ تهتِفُ بالقاتلِ

 غِل قتلاً سحقاً و دمارا

كوكبٌ يمنَعُ الانسانية !!

لِتسقُطِ  المدنيّة

لِتنتَهي مَهزَلَةُ الحَضارَة

مَع كُلِّ طِفلٍ يُبادُ

تَثبُتُ عُروشُ الظُلمِ

تَنهَدُّ  القِيَم

 يَزولُ الانسانُ يتحوّلُ

   و حقوقِهِ غُبارَ

إن لَم يَغضَبِ الكونُ الآن

لِتصِر ِالارضُ دمارا

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *