الطَّوْدُ الشَّامِخُ

Views: 1684

د. محمد نعيم بربر

  تَضِيْقُ مَسَافَاتُ الْمَدَى فَوْقَ هَامَتِي

 وَتَقْصُرُ عَنْ عَيْني الرُّؤَى وَالْمَعَالِمُ

 كَأَنِّيَ طَوْدٌ شَامِخٌ فَوْقَ صَخْرَةٍ

 تَدُوْرُ بِهِ الدُّنْيَا، عَلَى السَّفْحِ عَائِمُ

 تَرُوْقُ إِلَيْهِ كُلُّ عَيْنٍ، وَتَنْجَلِي

بِفَوْدَيْهِ مِنْ لَوْنِ الْمَشِيْبِ الْعَمَائِمُ

تُطَاوِلُ عَنْ بُعْدٍ مِنَ الأَرْضِ سَفْحَهُ

أَمَالِيْدُ هَامَاتٍ، وَتَعْلُو قَوَائِمُ

تُعَانِقُ وَجْهَ الشَّمْسِ إِذْ تَعْتَلِي الذُّرَى

عَلَيْهِ، نُسُورٌ، أَوْ تَطُوفُ حَمَائِمُ

تَقُوْلُ لَهُ مَهْلًا، أَمَا زِلتَ لِلصِّبَا

أَلُوْفا وَتُغْرِيْكَ الْحِسَانُ النَّوَاعِمُ

أمَا زِلتَ لِلنَّهْرِ الْكَبِيرِ تَصُدُّهُ

فَيُغْرِيكَ عَنْ عَزْمِ اللِّقَا، وَتُقَاوِمُ

أمَا زِلْتَ لِلسَّهْلِ الْفَسِيْحِ مُغَازِلًا

تَشُقُّ عَلَيْهِ جَفْنَهُ، وَهْوَ نَائِمُ 

تَرُشُّ عَلَيْهِ مِنْ نَدَى الصُّبْحِ قَطْرَهُ

فَيَصْحُو، عَلَى دَمْعٍ جَلَتْهُ النَّسَائِمُ

يَقُولُ عَلَى غُنْجٍ: أَمَا كُنْتَ تَسْتَحِي

وَسَفْحُكَ طُولَ اللَّيْلِ بِالْفِعْلِ آثِمُ

فَهَلْ أَنْتَ بَعْدَ الْيَوْمِ طَوْدٌ مُقَاوِمٌ

تَدُكُّ حُصُوْنَ الأَرْضِ فِيْكَ الْعَزَائِمُ

أَمَ انَّكَ مَهْزُومٌ بِوَصْلِكَ خَائِبٌ

لأَنَّكَ فِي الْحَالَيْنِ، بَاغٍ وَظَالِمُ!!

أَرَاكَ عَصِيًّا أَيُّهَا الطَّوْدُ، فَاتَّعِظْ

فَعُذْرُكَ مَقْبُولٌ وَمَا أَنْتَ لائِمُ

تَمَنَّعْتَ دَهْرًا، إِذْ أَتَيْتَ تَضُمُّنِي

فَهَلْ أَنْتَ عَنْ حَقٍّ عَصِيٌّ وَنَادِمُ؟!

***

* مِنْ دِيوَانِي: جِرَاحُ الْغُرْبَةِ  

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *