أين  ذهبت عاداتُنا اللطيفة النقيّة؟

Views: 404

سليمان بختي

لم نكن خبراء في علم النفس او التربية ولكننا كنا ننتبه ان لا نكسر خاطر احد.

كانت جدتي تقول: “الف كسرة أجر ولا كسرة خاطر”.

وكنا حين نلعب نفرح للمنتصر ونقول للمهزوم: “معليش حظ ما في او هارد لاك”.

كانت بنايتنا مختلطة من كل الأطياف مثل كل بنايات رأس بيروت تقريبا.

وكنا نسمع التهاني بالأعياد والمناسبات في أوقات متقاربة.

وكان ما يهمنا انا واترابي ما ينتج عنها من حلوى وسكاكر مثل المشبك والمعكرون والمعمول والهريسة والقمحية والزلابية والراحة والحلقوم والكلاج والملبس والشوكولا. 

في شهر رمضان كنت أرى الصحون  تتطاير في وقت الافطار وتدخل البيوت كالصحون الطائرة. 

واذا رأينا كسرة خبز مرمية على الطريق رفعناها عاليا ووضعناها على الجبين وقبلناها ثلاث مرات .فهي النعمة او العيش كما يقول اخواننا المصريين.

كنا اذا رأينا استاذ المدرسة يمر في أطراف الشارع شرعنا الى البيت ليس خوفا ولكن احتراما.

اذا رأينا رجلا مسنا او سيدة تصعد الى الباص او تدخل القاعة افسحنا واخلينا له المقعد.

ما كنت اعرف شكل” فاعل الخير” حتى رأيته ذات مرة وانا اهبط درج بنايتنا . كان يحمل مغلفا ابيض محاولا ان يدسه تحت الباب. ولما رآني اشاح بوجهه وهرول مسرعا .

مهما قست الايام والظروف كنا نتشاركها معا فتخف الأحمال والاثقال عن كواهلنا وتعبر .

هذه كانت بعض عاداتنا الجميلة والبراءة.

اين ضاعت منا وغابت على الطريق؟ 

وكيف رحلت؟

بل اين رحل البلد وتبعثرت هويته.    .

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *