قراءةٌ في كتاب “الأب بالتبني” لـ ياسين النصيِّر

Views: 174

إبراهيم رسول

الصفةُ التي تتصفُ بها كلّ الإصدارات النقدّيّة للناقدِ ياسين النصيِّر أنّها صفةُ التجديدُ الدائم، فأنتَ لا تجد نمطية في اطروحاتهِ التي يخرجها للقرّاء، فهو مواكبٌ وبصورة دؤوبة على تتبعِ مسارات الحداثة والتجديد لهذا تميّزَ الدرسَ النقدّيّ عنده بصفة العمق والجِدة. 

القراءةُ التي قرأ بها الناقدّ في هذا الكتاب هي قراءة مُتخصصة وعامّة، أي أنّ فيها الجانب العام والجانب الخاصّ فهي تقدمُ معرّفتها للعام والخاص على حدٍ سواء للمُتلقين على تباين الوعيّ والثقافة عندهم، والذين يتناولون هذه القراءات بعين المعرّفة التي تعوّدوا عليها عند قراءتهم للمنجر النقديّ عند النصيّر. العنوانُ قدْ يبدو غامضًا لأوّلِ وهلةٍ، فهو من العنوانات التي لا تُكشف عن ماهية المتن الداخليّ بلْ تترك القارئ أنْ يقرأ حتّى النهاية فيكشف بنفسه دِلالة العنوان المكتوب بعناية فائقة وتدّبر عميق، فالناقدُ يكشفُ في مقدّمة الكتاب عن بعض دلالة العنوان ولكنّ يبقى العنوان لا يستهلك مضمونة حتّى أنْ تقرأ الكتاب كاملًا، وهذه صفة العنوانات العلميّة أنْ تجعلَ مضمونها غير قابل للاستهلاك. 

للعنوان قسمان، فالأوّلُ “الأب بالتبني” والقسم الثاني “أعرض عليك قصيدتي”، فالواضحُ أنّ العنوانينَ يكملُ أحدهما الآخر، ولكن لمّا يزلْ العنوان لمْ يكشفْ عن جوهرِ فحواه بعد، فيأتي الناقدُّ يوّضح المراد من المعنى بالتبني، فيقول: أعرض عليك قصيدتي، أعني أعرض عليك انتاجي، رواية ، وقصة، وعرضًا مسرحيًا…( الكتاب: 10)، فالعرضُ هو تقديم النِتاج الإبداعي الفنّيّ، فأيّ نِتاج إبداعي لا يكتفي بتقديم الدِلالة بلْ يتجاوزها إلى الدينامية الاجتماعية، وهذه إشارةٌ عميقة إلى أنْ يجعلَ النصّ ينفتح على حرّكية دائبة وانفتاح عام لا خاص لتتعدد القراءات فيه وحوله مما يكسبه صفة التجديد المستمرّ، وفي هذه الحالة تكون للنصِّ حيوات متعددة ويكسب صفة الديمومة والبقاء، وهذا القولُ لا يشملُ جميع النّصوص الإبداعية الأدبية بلْ يشمل منها النصّ الذي تتوفر في داخل بنيته الشعرية العالية، فالنصوصُ كثيرةٌ إلا أنَّ النصّ الذي يُجدد ذاته يكون قليلاً بالقياس مع غيره. 

 

أبوّة موضوعية وأبوّة دينامية

الناقدُ في كتابه هذا يقرّ أنّ هناك أبوّة موضوعية وأبوّة دينامية، فالأبوّةُ الدينامية هي التي تعطي البقاء والخلود للنصّ، وهذا التبنيّ هو تبنٍ مجازيٍّ، النصيِّر يُشرك القارئ ويجعل له مكانة مهمة في التحليل والتفسير والتأويل، ولأنَّ القرّاء يتباينونَ بحسب المستوى الثقافي والمعرّفي تكون للنصِّ صور متعددة كلّ صورة لها ما يؤيدها. الكتاب هذا ليس معنيًا بالشعرِ فحسب على الرّغم من أنّ تطبيقه على الشعر إلا أنّ منهجيته تكون شاملة (10)، وهذه الشمولية هي تأسيسٌ معرّفيٌ يُقدّمهُ الناقد ليؤسس إلى قاعدة نقدّية، فأنت تستطيع أنْ تأخذَ الجانب النظريّ من الكتاب وتُطبقه على أشياءَ أخرى، لأنَّ فكرة الأبوّة هي قاعدة أساس تستطيع أنْ تُطبقَ عليها، فهو يتناول النقد الذي يجعل الموضوع في القصيدة الحديثة متحولًا من الموضوع الطبيعي إلى الموضوع الدينامي (الكتاب: 16)، فالمقصودُ بالدينامية هي الأبوّة الحقيقية. حقيقةٌ نقدّيّةٌ يُقرّها النصيِّر بأنّ لا أدبَ بدون موضوعٍ. إنَّ خلودَ القصيدة ليسَ بالشاعر الذي أبدعها بلْ يكمن بموضوعها الذي تناولته، مثلاً: أن خلود قصيدة السياب ليس بالسياب الشاعر، ولا خلود قصيدة الجواهري بالجواهري الشاعر، هذا الخطأ الشائع لا بدَّ أنْ نُصححه، لأنَّ خلود القصيدة يكمن بموضوعها( الكتاب: 29)، المغزى المهم هو الموضوع وليس الشاعر لذلك تجد أنّ الأدبَ يُخلّد قصائدَ ويُخلدُ الأبيات المقطّعات لموضوعها وليس لشهرةِ شاعرها، هذه الملحوظة النقدّيّة هي التي أشبعها النصيِّر في كتابهِ هذا، المعنّى النقديّ يكمن بالموضوع وأنّ النصيِّر لا يُعير الشكل الأدبي كبير أهمية بالقياس إلى موضوعه، فهو يقول: فالشعرُ لا يتطور إلا حين يتشبع موضوعه بالنثر (الكتاب: 12)، هنا يُنَظّر الناقد تنظيرًا ويُطبق على عيّنات إبداعية، هذه الميزةُ النقديّة جعلت النقد عند النصيّر يتسم بالدينامية التي تُجددُ ذاتها بذاتها وتخلقُ لنفسها قاعدة نقدّيّة تنفتحُ على الكثير من النصوصِ التي تُعرض عليها. كُلّ شيءٍ لا يتطّوّر إلا من خلال الموضوع وحتّى الثقافة لا تتطور إلا من خلال موضوعاتها (الكتاب: 27)، فالنقدُ الموضوعاتيُّ الذي يؤسسُ له النصيِّر ويجعل له القواعد القابلة للتطبيق هو نقدٌ نافعٌ للأدب الذي يُراد له أنْ يتصفَ بصفةِ الديمومة والبقاء طويلًا في الحياةِ.

من البدايةِ يؤشرُ الناقدُ إلى أهمية مشاركة القارئ في صناعة القراءة النقدّيّة لأيّ نصٍّ إبداعيِّ، هنا تبدو هذه الدعوة إلى المشاركة من قبيل صناعة ثقافة اجتماعية عامّة.

النصيّر الناقد التجربة الواسعة يؤسس لأهمية النقد الموضوعاتي الذي يهتم بالمضمون أكثر من الاهتمام بالشكل والحقيقة أنّ الشكلَ لمْ يهملْ إطلاقًا بلْ تجلّت الأهمية في الموضوع لأنّه السببَ في الدينامية للنصِّ، وهذه الدينامية ليست في الشكل الذي يتغيّر ويتطوّر بتطور الحياة إلا أنّ المضوع هو الجوهرُ الحقيقيّ للمكوث طويلًا. 

 

 الموضوع والعمق الفلسفي

يعنّى الناقدُ ياسين النصيِّر في نقدهِ للعيّنات الإبداعية بثيمة مهمة وهي ثيمة الموضوع، فهو يتناولُ الجانب الذي يُخلّد النصّ ألا وهو “الموضوع” فأهميتهُ تكمن في الديناميكية التي يوظفها في النصّ الأدبيّ، وهذه الثيمة المهمة أخذت حيّزها في القراءة الفاحصة والكاشفة في فصول الكتاب، فلو تأمّلنا تحليله أو رؤيته النقديّة في دِلالة طاولة الخشب لأدركنا العمق الفلسفي العميق الذي يغوص فيه النصيِّر، يقول: فلم تعد الطاولة خشبية مسطحة ، ولا الكرسي مكانًا للجلوس، بلْ أصبحت الطاولة شكلًا للمفاوضات البيتية والدولية وأصبح لها سطحان: الأعلى هو ما تحسم عليه الأمور بعد نضجها والأسفل هو ما سبق من مفاوضات التي جرت بأشكال تعبيرية مختلفة (الكتاب: 113)، الناقدُ هو قارئٌ مُشاركٌ وفعّال في النصّ، إذ يبدو النصيِّر هنا يمارسُ الشّعر أيضًا مع المبدع، فهو أسبغ شعرية نقدية على العينة عبر قراءتها بهذه القراءة الدِلالية التي غاصت في جوّانيات العالم الداخلي لباطن الباطن، في هذه الرؤية النقدية تجد أنّ المشاركة الفاعلة بين المتلقي الناقد والمبدع الشاعر أنتجت شعرية عالية المستوى في النقد! وهذه صفة الناقد العارف، إذ جعل من النقد يمشي مع الإبداع في مسارٍ واحدٍ وهذا المسارُ أعطى الديناميكية للأدب، فهذه هي أبوّةٌ حرّكية تعطي للأدب الحيوات المتجددة وتبعد شبح الموت عنه.

طريقة التناول النقديّ عند النصيِّر أنّه لا يتناول الشّعر فحسب بلْ يتناول موضوع الشّعر، لأنّ الموضوع يساهم في تطوّر الشّعرية، يقول: إن أية مرحلة من مراحل تطور الشعرية الحديثة لا يختص بها فرد أو حتى مجموعة شعراء، بل الذي يختص بها هو الموضوع المشترك الذي ينفذ بطرائق فنية وبأشكال مختلفة.( الكتاب: 122)، هذه الكلمة كتبها وهو يتناول شعرية الشاعر العراقي علاوي كاظم كشيش، الذي اشترك مع غيره من الشعراء بموضوع واحد، ولأهمية الموضوع المشترك أن تناوله مجموعة من المبدعين وليسَ مُبدعًا واحدًا، فالنصيِّر يتناول الشيء الذي تكرر على المجموعة ويقرأ المشترك بصورهِ المتباينة من حيث طريقة كلّ مبدع في الإخراج الإبداعي، لهذا يبرز الموضوع بهذه الأهمية لمساهمتهِ في تطوّر الشّعريّة، إذًا صارَ الموضوعَ يشكّل الأبوّة الثانية التي عناها في عنوان الكتاب من أنّ الأبوّة الحرّكية هي الأبوّة التي تطوّر النصّ الأدبيّ لأنّها تُطلقه إلى الحياة وتمده بالماء لئلا يموت! ويتناولُ قضية نقدّيّة مهمة وهي خروج الشعراء من محليّتهم إلى العالمية، وهذا يتم عبر استعاراتهم لشخصيات تراثية محاولة منهم للخروج بالقصيدة وبالشخصية من ارتباطها بأية محلية( أنظر الكتاب: 132)، فهذه الإشارة النقديّة رائعة كونها تتناول الموضوع المشترك بين شعراء عديدين ليس الشاعر كريم كاصد (الذي تناول تجربته كنموذج لثيمة الخروج من المحلية للعالمية عبر استدعاء الشخصيات التراثية) فالناقدُ يتناول الموضوع المشترك لأنّه هو الذي يسبغ على نصوصهم حرّكية دائبة. 

تبرز ثيمة الموضوع بهذا التميّز لأنّها أبوّة معنوية وليست شكلية، أبوّة تُجدد النصّ وتمّده بكلِّ أسباب الحياة، وهذه القراءاتُ النقديّة على تباينها جاءت لأنَّ النصّ قابلٌ للانفتاح على أبواب تأويلية كثيرة، فالنصيِّر يتناولُ فكرة الموضوع لأنّها شاملة عند مجموعة من الشعراء، بمعنّى أنّ الناقدَ يؤسس لقواعد نقديّة بالإمكان التطبيق عليها على شعراءَ آخرين غير النماذج التي تناولها هو، إذن هذه القراءةُ تأصيليةٌ لقاعدة عامّة، هذه ميزةُ القراءات النقديّة التي يُقدمّها النصيِّر، فهو مؤسسٌ لطريقةٍ مميزةٍ وهي تقدمُ للقارئ طريقة جديدة وجميلة في فهمِ واستيعاب وتذوق الجمال في النصوص الأدبية الإبداعية.

أعلى مراحل الشّعرية

قرأ الناقد قصيدة النثر ويعدّها في أعلى مراحل الشّعرية، فهي ديناميكية حرّة، ولكن بشرطها وشروطها، فقصيدة النثر صعبة للغاية واستسهال المتطفلين عليها لا يعدم جماليتها ولا ديناميكيتها، فهي لديها من الشروط القاسية ما يجعلها في منأى عن الذين يتخذونها طريقة في التعبّير الشّعري باستسهال وضعف وشعرية عادية، هي لديها عمق فلسفي ولغوي أكثر من غيرها، ولكن تبقى شروطها القاسية هي القوانين الصارمة التي تُحافظ عليها بالصورة الإبداعية وهذه القوانين الصارمة نقرأها في العيّنات الإبداعية التي تناولها الناقد في كتابهِ هذا، فهو ينتقي قصيدة نثر بمعنى الكلمة مُتحققة بها كافة الشروط الفنّية والإبداعية ليتناولها قراءة نقديّة، يعدها النصيّر بأنّها موضة للحداثة الشعرية ويعلل قوله هذا، أولاً: لخروجها غير المألوف عن طرائق القصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة، لذا فهي موضة للحداثة الشعرية لما بعد الحداثة الفنيَّة( الكتاب: 182)، من المواضيع التي اشترك بها مجموعة ويشتركون بها أيضًا شعراءَ كُثر في العالم العربيّ، هو هذا الشكل الفنيّ الذي يُكتب به الشعر، قصيدة النثر هي طريقة في التعبّير الشّعريّ ولكنها تتصف بالعمق اللغوي والفلسفي الذي جعل منها تنفتح على قراءات متعددة لا تقف ولا تسكن عند حد ، هذه الحرّكية هي الأبوّة غير الطبيعية، أيّ الأبوّة الإبداعية المُتجددة التي أسمها أبوّة ثانية للنصِ، فالنصيّر يجعلَ الديناميكية صفة لحياة النّص وتجدده، فالنّص الذي لا يقبل التجديد هو نّصٌ ميتٌ من قبلِ كتابتهِ! 

 

ميزة الناقد المؤسس

قصيدة النثر الحقيقية تتصف بميزةٍ مهمةٍ ألا وهي الديناميكية التي يُبدعها الشاعر المبدع.

يؤصّل النصيّر مقولةً هي لُب قراءاته النقدّيّة في هذا الكتاب، إلا وهو الموضوع، فهو يعد الشعر موضوعًا وليس هو ما يكتب في القصيدة (الكتاب: 206)، إذن تبدو أهمية الشعر بموضوعه لا بشكلهِ ولا بإيقاعهِ ولا بطريقته، فالأهميةُ تكمنُ في الموضوع لأنّه أصلُ البناء التعبيري، فأنت حين تشعر بموضوعٍ ما لا تفكّر بالطريقة التي تُعبّر بها بلْ بالتعبير عن الموضوع بالطريقة التي تُعبّر من خلالها بصورةٍ تامّة جميلة. 

يبرزُ الموضوعُ أهميته من الديناميكية التي تعطيه الحياة المُتجددة، فالموضوعُ حينما يشترك فيه مجموعة من المبدعين فهذا يدّلُ على وعيٍ عامٍ مشتركٍ لنُخبةٍ من الشّعراء الذين ينظرون إلى قضايا الحياة نظرة خاصّة بهم، إلا أنّ ثيمة الموضوع تبقى واحدة، فالنظّرةُ هي التي تتباين عند الشعراء، والناقدُ النصيِّر يؤصّل للعام ليجعل المتلقي يطبق عليه على نحوٍ خاصّ، أي بعد أنْ يجد ثمة جامع يجمع العيّنة الخاصّة بالقاعدة النقدّية العامة، هذه ميزة الناقد المؤسس، فأنت حينما تقرأ نقدًّا بهذا التنظير التأصيلي بالإمكان لكَ أنْ تقيم التطبيق على العيّنات التي تجدها متقاربة مع المنحّى النقدّي الذي أصّل له النصيِّر، هؤلاءِ النُقاد الذي يكوّنون مدارسَ نقديّة عبر الاطروحات الناضجة والواعية التي يُنتجونها، فالمدرسةُ تحتاجُ إلى نُخبةٍ تؤصّل وتُنظّر وأيقن أنّ النصيِّر من أولئكَ الذين يؤسسون لقواعد مدرسية في الدرس النقدّيّ، لأنَّ عمقَ هذه القراءات التي يُبدعون بإخراجها إلى الناس تبدو بعمقها قواعد عامّة يمكن استعمالها على نصوصٍ كثيرةٍ.

الموضوعُ العامُ المُشترك هو الجامع الذي يشترك به المبدعون على اختلاف اتجاهاتهم الثقافية، فلو قرأت ما يقوله في تجربة رياض الغريب الشاعر العراقيّ ستجد أنّ الغريب ليسَ وحده بهذه الصفة بلْ يجعله الناقد مع غيره من التجارب، يقول عن تجربته: تعد تجربة الشاعر رياض الغريب من التجارب الملتبسة بالحداثة شكلًا، وبالتقليدية محتوى.(الكتاب: 411)، أي أنّ هذه التجربة تشترك مع غيرها بهذه الصفة وهي صفة ( الحداثة شكلًا والتقليدية مضمونًا)، يستطيع المتلقي أنْ يقرأ تجارب أخرى تشبه تجرب الشاعر الغريب ويقرأ عليها قراءة النصيِّر! هذه القراءة التي تؤسس لهكذا قراءات هي قراءة مدرسة وقاعدة متأصّلة وهذا يكون عند نُخبة مميزة من النُقاد الذي يراعونَ الكثير من الأشياءَ في إطلاق أحكامهم النقدّيّة، لهذا تجد أن مطبخهم النقدّيّ ينتجُ النظريات الديناميكية القابلة للحرّكة وهي صفة الانفتاح العمومي على نصوصٍ شعريةٍ كثيرة.

النصيِّر في هذا الكتاب ” الأب بالتبني” العنوان الأصل والعنوان الفرع منه (أعرض عليك قصيدتي)، يتناول الموضوع الوارد في القصيدة، فهو لا يتناول شخصية الشاعر ولا يتناول القصيدة بلْ يتناول موضوع هذه القصيدة، لأنَّ الموضوع يتصف بصفةِ الديناميكية التي عنى بها بالأبوّة الثانية، فالأبوّة الأولى للنّص هي الأبوّة الطبيعية التي قدْ تكون صفة عند جميع من يكتبون الشعر بشتّى أقسامه وأجناسه وطرائقهِ إلا أنّ الأبوّة الثانية أي الأبوّة الديناميكية الحرّكية هي الأبوّة التي ينفرد بها المبدع الحقيقي وهي التي تُبقي النّص منفتحًا على صور تأويلية كثيرة يشترك القرّاء على اختلاف ثقافتهم ووعيهم بتأويلها التأويل الذي يتفق مع وعيهم المعرّفي والثقافي.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *