سجلوا عندكم

فنجان قهوة

Views: 15

د. جان توما

قالت لي عينُ فنجان قهوتي: لكَ في هذا العالم ما تحيكه لك صنارتا العمر من أصواف الفرح أو الوجع. ستكون لك الأيام وسادة أحلام أو وسادة خالية. ما لها المفارق تنتظر العابر الذي لن يأتي؟ ولماذا كلّنا ينتظر ” راجح” في غفلة المواسم ليأخذنا معه إلى العريس “الناطر تحت القناطر”.

تحدّق عين البنّ في عينّي فتبلبل بؤبؤهما. أتذكّرُ تلك الصبحيات حيث قراءة الإشارات في فنجانٍ تحكّم، وما زال، بمسرى حياة الأهل والأصحاب ومرتادي المقاهي الشعبيّة على شاطىء البحر، حيث الكراسي من خيرران، والطاولات من خشب متنوّع، والموج يقذف الحكاية تلو الحكاية، فلا يشبع لسانه من السرد، ولا تكلّ الآذان عن لذّة سماع المغامرة وعيشها.

تناديك رائحة البنّ المحروق من حرقة روحك على وجوه غابت، وأيام عبرت، في انتظار الآتي. أي آتٍ تحمله القادمات؟ لم يعد حلمك يواكب حركة أيامك. صارت الظروف تحدّد موعد حجرك ونومك ونمط معيشتك. (Provigil) لم تعد تطفر كالأيائل حرًّا في البراري. لكَ في كل يوم برمجة تسير على إيقاعها، يرسمون لك خطّك اليومي الروتيني وعليك الالتزام به. لم يعد لك إلّا الشبكة العنكبوتيّة تنسل منها خيوط لعبتك، فإمّا تعبر سلامًا، أو تسقط في فوهة الخيوط، فتختلط عليك أنواعها لتصبح الطريدة بعد أن كنتَ صياد العالم الافتراضي.

أغمضتُ عينّي ولم يغمض فنجان قهوتي عينه. يبقيها صاحية، كما شاشة الكومبيوتر، ليذكّرك بأنّ قراءة العين تبقى أشهر القراءات وأجمل الكلمات.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *