سجلوا عندكم

رسالة تينيّة بحبر عنبيّ

Views: 592

د. جان توما

… وسلال التين تنتظر حبّاتها تلمّظ الشفتين، وحلاوة الريق وانتعاش الفؤاد. كلّ الطرق الريفيّة تزدان على مفارقها أحرف الأبجديّة الطيّبة على شكل تين، يتغنّج في سلال من قصب، كناي مجروح الموّال، ينتظر محبّيه، ” فإن طلّ العنب والتين بَطْلو العجين”.

العنب والتين رفيقا شهر آب اللهّاب، تتغندر حبّاتهما على أسوار السهول والبساتين، فلا تلقى أصابعك إلّا كعاشق مدّ يده وقطف الطيّبات، كاتبًا سطرًا في الثغر ومحا.

كلّ أصابع أيدي الطفولة في الأرياف مجبولة بدبق الثمار الطيّبة التي كانت مشاعًا للعابرين، يرطّبون أفواههم العطشى من السفر، بِريق العنب، وقطر الطين، ويشحبرون أطراف أناملهم بحبّات التوت.

يا لتلك الأيام حيث “العناقيد تدلّت كثريات الذهب”، تغفو تحت العريشة متأملًا عظمة الخالق في سمائه ونجومه وشهبه، تسمي ما يلمع فوق بأسماء من تحبّ، وفي المساء التالي تضيع الأسماء ويبقى الشعاع الأليف، تتلمّس نورانيّة من مضى وتذكر ما قاله الأجداد:” أيام عنبك وتينك تكثر محبينَكْ، وأيام ما حد بِعِينَكْ”، أو تردّد مع فيروز:”خلي ورق التين، يتشرد، يتبدد، يشرد بالشمس باهت متل الحنين، خلي ورق التين

يسبقنا، يلحقنا، يفرش بالهمس مطرح لنا أمين، حبيبي وأنا تعب وغنى آخر الطريق الطويل، وبعده ورق التين، عم يوقع….. يتودع”.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *