يومٌ طويل في فقرا (كسروان)، بضيافة د.سابا قيصر زريق، يتكشّف عن هواية وموهبة لدى المضيف، في عالَمَي الانتيكا والنجارة!
د. مصطفى الحلوة
كما صيف كلّ عام، كانت “لَمّةٌ” طرابلسية يوم أمس (25 آب 2024)، بدعوة من أخي د.سابا زريق والشيخة أميّة أبي صعب زريق، في دارتهما العامرة في فقرا، على ارتفاع 1800 متر عن سطح البحر، حيث المناخ الرائع، بنسيمه العليل والهدوء “القاتل”..وحيث تحلو الضيافة السخيّة والشهيّة..ولك أن تحدّث ولا حَرَج!
وصلنا، زوجتي وأنا، بصُحبة عميدنا الصديق عبد القادر بك علم الدين، وكان قد سبقنا، بدقائق معدودات، بضع عشرات من الأصدقاء والصديقات، جاءت غالبيتهم من طرابلس، وقد سرّني وجود الصديق د.سعود المولى، (البعلبكي الطرابلسي) وهو بمنزلة أخٍ لسابا، إذْ ترقى أخوّتهما، إلى عهد الطفولة والحداثة.
لم يَرتَح المضيفان، أميّة وسابا، فقد كانا في طواف مستمر، على المدعوّين، وكأنّنا بلسان حالهما يردّد على المسامع: يا ضيفَنا لو زرتنا لرأيتنا/نحن الضيوف وأنتَ ربُّ المنزلِ!
..إثرَ الغداء، دعانا سابا إلى جولة، تشمل طبقات دارته الثلاث، فحدّثتني نفسي بأنّ سابا يُضمر أمرًا، فهو ليس من اولئك الذين يتباهون بما لديهم من حُطام الدنيا! وقد صدق حدسي، إذْ وجدنا أنفسنا، في الطبقة الثالثة، بإزاء معرض أو متحف، تحتشد فيه قطع الأنتيكا، التي لا يحصرها عدّ. وهي تشغل أرض هذه الطبقة والجدران والرفوف. وفي داخل هذه الطبقة يقع مكتب سابا، الذي يخلو فيه إلى أبحاثه وكتاباته، وفيه يُمضي أوقات اعتكافه.
بيد أنّ المفاجأة الصاعقة، عايناها في “السوسول”، الطابق ما تحت الأرضي، حيث ألفينا أنفسنا داخل “منشرة”، أو مصنع للنجارة، بكل المواصفات..منشرة تضمّ كل معدّات النجارة ولوازمها. فثمة “الشلّة” أي الآلة المُعدّة لقطع الخشب، وثمة شلّة أخرى للأشياء الدقيقة. وقد اكتست الجدران بالعدّة، من مناشير حديدية ومطارق خشبيّة وفارات (جمع فارة، وهي آلة لصقل الخشب)، إلى وجود كميات من الأخشاب، القديمة والجديدة، تشغل رفوف مستودع ملاصق للمنشرة! ولشدّ ما كانت المفاجأة عندما علمنا أنّ سابا يمارس النجارة، وينجز مصنوعات خشبية، من طاولات و”درف” خزائن للمطابخ، وسوى ذلك من مصنوعات!
..على هامش هذه “اللمّة”، قدّم أعضاء “لقاء الأحد الثقافي” درعًا تكريمية للدكتور سابا، وأُخذت الصُور التذكارية.