قمر الدين

Views: 98

د. جان توما

تتمتّع بقطعة ” قمر الدين” كما لو أنّك تحجّ إلى ديار طفولتك. تمضغ حلاوتها لتبصر نفسك محلّقًا على بساط ريح، ومع فانوس علاء الدين  الباحث عن “بدر البدور”،  والمارد الطالع بين يديك ليحقّق الأمنيات التي لديك.

كان” قمر الدين” يومها يأتي على شكل “طرحة” كبيرة مطوية، تقطع منها ما تضعه لهفة في فمك، فيما تنقضّ يمناك على استلال قطعة تبقى رهينة راحتك قبل أن تدسّها في فمك لتلوكها بعد أن تخرج من معركتك مع القطعة الاولى بين شدّ ومدّ ومضغ، ولولا طيب مذاقها، وانسكاب سكّرها في الفم، لخرجت أسنانك تطلب الرحمة بعد عراك مع طيّبات لزجة.

تقطّعت اليوم أنفاس “طرحة” ” قمر الدين” ، إذ وضّبت فرادى في قطع صغيرة معلّبة. لم تعد يدك تشارك في سرقتها من علبة جدّتك المعدنيّة حيث ترتاح ” الطرحة” مع حبّات” البافكا” وربطة الشاش الملأى بقطع “القضامي بسكر” واللوز والجوز  لتمصّ رحيقها بدل اللهاية الاصطناعيّة اليوم في أفواه الصغار.

كانت “طرحة” “قمر الدين” كسجادة سهرٍ في حكايات ألف ليلة وليلة. تنسج زركشتها  رحلات السندباد ومغامراته، ويلوّنها  قلقك على عنترة إلى طلوع الفجر ليخبرك الحكواتي أنّه تمّ إطلاق سراحه من الأسر، لتمضي إلى هناء نوم.

نَمْ ، لعلّ الأحلام تصير قمرَ سُكَّر فتستعيد ما مضى.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *