خريف العمر يبكي كناي جريح
وفيق غريزي
خريف عمري يبكي كناي جريح
على إيقاع رتيب
يصيب قلبي بالفتور
يبعث في النفس الشحوب
كورقة جافة تسقط عن الأغصان
تتقاذفني الرياح
ترانيم خالدة صارت ذكريات
لا تملّها الشفاه
شاعرا بتنفسي يزيد من هواه
وشعري يزداد ثراء من سناه
لا قيمة لذاتي.. لا احسّ بهويتي
إلا في ملكوت سماه
صورتي مرآة تعكس وجه الاله
بشريتي ماتت
روحي في الكون “معاه”.
***
يتسلل القلق الى الأعماق
الاحساس بالوحدة.. والحزن.. والكآبة
يحلّق في الأجواء…
كأسي تفيض مرارة
نفسي تشتهي الترياق
تبغي تحطيم القيود.. تبغي الانعتاق
هوّة عميقة بين الواقع وبين المثال
العيش بين قطعان النعاج
محال.. محال
روابط واهية بين البشر
تطفو على سطح المياه
تشوه وجه الحياة
مجتمع ينخر جسمه الداء
لم يجد للشفاء دواء
تحيطه جدران من الزيف
والتفاهة والرياء.
***
عانقت نفسي الصفاء السرمدي
عفت جهدي.. وبحثي الطويل
عن الخير والمحبة في زمن عليل
لم احصد سوى الخيبة
النجاح مستحيل
أنا سيزيف أصارع صخرة القهر
أين أنا من الفرار أو الرحيل؟
ارحل، واذ بي اسير على طريق الإياب
تخفي أشواكها وأسرارها
تغرس في النفس الارتياب
لن اعود
سأحيا هناك مكان خلف الحدود
ضجرت الحياة في هذا الوجود
اجوب البراري وواد سحيق
انتهيت وسط الحريق
ذاتي تبحث عن ذاتها
في مجتمع أنا عنه غريب
في ظلمة الليل الممل
افتحوا لي الباب الأخير
تحررت بعدما كنت اسيرًا.
***
في ظلال الرب أجد البهاء
النهار اوى إلى كنف المساء
لم يبق إلا أنا وآهاتي
ومدخنة الشتاء
اين أنجو من تباريح الأمس
اين المفر؟
الليل يردد تنهداتي
وذكرياتي وأغاني الشجر
انسج هالة سحرية حول جراح الروح
قلبي شريد تائه خلف الضباب
يتلوّى خدرا من عذاب واكتئاب
انين جريح يجيء من بعيد
ينتحب المساء يشكو الملال
يمر على مسمعي كطيف عليل
تعلو آهاته فوق الجبال.
***
ها هو الماضي ينبعث
مع كل الذكريات
ويرحل لم يترك سوى بقايا احتقار
رسا في قاع قلبي رماد وشرار
شوق الظلمات يلهث خلف الضياء
يلوّن الأهداب بالحناء
تنبت في النفس الأقاحي والزهور
ترتوي من ينابيع الأزلية
أسافر عبر المرايا الدامية
إلى كواكب السماء
اتأمل حراك النجوم على اسرة الفضاء
أرسل اغاني هباء، ابكي على قلب كليم
عبر الظلام اسمع نشيج المطر
وهديل الحمام على الشجر
اصيخ ولا صوت غير النحيب
لا دثار يقيني صقيع الدجى
غيوم.. وريح.. وفجر حزين
ليس غريبا ان أعاني الشجا….
