المطالعة ثقافة لا تموت وكنز لا يفنى

Views: 221

لأن في المطالعة ثقافة لا تموت ولأن الثقافة كنز لا يفنى في عالم سيطرت عليه التكنولوجيا ووسائل التواصل الذكية والسريعة، ولأن لبنان بلد اشتهر بثقافته وعراقته، سعت اللجنة الوطنية اللبنانية في الاونيسكو إلى المحافظة على الإرث العريق في ظلّ التطورات المتسارعة عبر المسابقة الوطنية للمطالعة والتي احتلّت فيها الزميلة رندلى جبور بالاضافة الى الشابة إيزابيل فاخوري المرتبة الأولى، في حين فاز الشاب شادي الياس في المرتبة الثانية اما المرتبة الثالثة ففازت بها السيدة نجوى اليحيى.
وقد اقيم حفل توزيع الجوائز على الفائزين في قصر الاونيسكو برعاية وحضور وزير الثقافة روني عريجي الذي أمل في اعادة بناء عصر الثقافة، معتبراً أن التكامل بين الكتابين الورقي والالكتروني ضرورة لمواجهة خطر قضاء الواحد على الآخر.
تجربة خاصة لكلّ من المشتركين والفائزين مع المطالعة عموما والكتاب والكلمة خصوصا حاولوا في شكل مقتضب نقلها إلى الحضور في مسعى تشجيعي لدعم القراءة والإكثار منها لانها فنّ جميل كما وصفته رندلى جبور في كلمتها. جبور التي تطرّقت إلى أجمل ما قراته من كتب وروايات توجهت إلى كلّ من لا يقرأ بالقول : “هيا احملوا كتابا واقلوبا الصفحات فوحدها المطالعة تحرّركم”.
وجدانيات المشاركين والمسؤولين عن المسابقة تمحورت بمعظمها على محبة القراءة واهميتها خصوصا في ايام فقدت الكلمة قيمتها.
هنا كلمة الزميلة رندلى جبّور في المناسبة:
 
البوسنة تتعالج ونحن ما زلنا غارقين في الحرب
 
على الأرجح أننا كلنا اليوم في لبنان صنيعة الحرب وكذلك ستكون الأجيال المقبلة حتى من لم يعشها. نحن ما فعلته الحرب بنا. نحن ما فعله “الآخرون” بنا. نحن ما فعلناه بأنفسنا لأننا انخرطنا في جوقة المهللين للحرب بطريقة ما. نحن ورثنا نتائج الحرب بدءاً من فقدان الأعصاب وصولاً إلى فقدان قريب. نحن نعيش “فضلات” الحرب، والفضلات كثيرة. ملفات نعيش تحتها، نحملها فوق رؤوسنا وفي ضمائرنا وقلوبنا: من ملف التهجير والهجرة إلى المفقودين والمعتقلين، إلى معوقي الحرب جسدياً ومعطوبي الحرب نفسياً، عدا عن الذين لاقوا حتفهم، وعدا عن الآثار الاقتصادية والاجتماعية وحتى الطائفية والمذهبية ولعلها الأدهى. فكيف لنا أن نشفى من الحرب من دون مراجعتها والوقوف أمامها بجرأة وشجاعة؟ كيف لنا أن نشفى من الحرب إذا كان المسؤولون عنها ما زالوا يحمّلون “الآخر” مسؤوليتها ولا يعترفون بدورهم الحقيقي فيها؟ كيف لنا أن نشفى من الحرب وما زالت خطوط التماس منصوبة في نفوسنا؟ كيف لنا أن نشفى من الحرب ومن وقفوا أمام أنفسهم في كتب عن الحرب يعدّون على أصابع اليد الواحدة؟ كيف لنا أن نشفى من الحرب ومن تعاقبوا على الحكم منذ انتهائها وحتى اليوم لم ينقلوا اللبنانيين إلى مرحلة تساعد على النسيان بل إننا من انهيار ثقافي إلى آخر ومن انهيار أخلاقي واجتماعي واقتصادي إلى آخر، بل الأنكى من ذلك أن أحد الذين أبدعوا في ممارسة الحرب بأفظع صورها يترشح اليوم إلى رئاسة الجمهورية فهل من مجال بعد لنشفى؟ والأنكى من ذلك أيضاً أن “رب” التهجير الآخر غير المرشح الرئاسي المحترم يشكل بيضة القبان في الحياة السياسية اللبنانية ولا مجال لفعل أي شيء في جمهوريتنا العزيزة إلا وله يد فيه. الأسماء عندنا في السلم كما في الحرب أزلية أبدية وكأنها الثابتة في تاريخنا وجغرافيتنا وتربيتنا وكل الآداب والعلوم الأخرى.
لقد زرت البوسنة في ذكرى انتهاء الحرب عندهم. إنهم يتعاطون معها بطريقة مختلفة جداً، يمارسون فن الشفاء منها من خلال الاعتراف بالأخطاء ومن خلال الموسيقى والاحتفالات والصلوات الجماعية الصادقة. هنا في فندق ما من العاصمة البوسنية ساراييفو إعلاميون يخبرون عن تجربتهم في مواكبة الحرب، يقولون بصراحة كيف أجبروا على التعامل بطريقة معينة، كيف أجبروا على قول ما تريده تلك الجهة أو تلك الأخرى، كيف تم غسل أدمغتهم، كيف أعماهم أمراء الحرب وشاركوا هم أيضاً فيها بأكثر الوسائل تأثيراً ألا وهي القلم والصوت والصورة. إنهم اليوم يقولون بجرأة: هكذا كنا في الحرب ونادمون!  وفي الساحة الرئيسية مسلمون ومسيحيون يضيئون الشموع، ليس هناك أكثر من ذكرى للحرب الواحدة، إنها ذكرى جماعية واحدة يتذكرونها معاً في ساحة واحدة ولا يقوم كل حزب ومجموعة بنشاط على حدا في ذكرى الحرب. وفي شارع عريض وضعت كراسي بلاستيكية صغيرة وعلى كل منها دمية أو غرض للدلالة على الأطفال الذين قضوا في الحرب.. وفي قاعة واسعة صور عن الحرب من مختلف جوانبها، صور تدمي، ترعب، وهناك ممثل مسرحي أصيب بالحرب وأقعد فحوّل كل نشاطه إلى مسرح يساعد على نشر فكرة السلام ونبذ العنف وكسر الحواجز مع الآخر. البوسنيون يمارسون علاجاً للخروج من الحرب، طبعاً لم يخرجوا منها بعد ولكنهم يحاولون أما نحن اللبنانيون فلم نفكر بالعلاج بعد. نحن أنفسنا الذين بعنا السلاح للبوسنة، وتحديداً المرشح إلى الرئاسة: هكذا قالوا لنا هناك، بأسى!! لقد دفعنا ثمن حربنا وقبض بعضنا ثمن حروب الآخرين وفي الحالتين هناك حرب ولا من سلام!! أهلاً بكم في عالم 13 نيسان!!
رندلى جبورصورةصورة

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *