خليل ابو رجيلي، قصائده تُطرِب

Views: 29

 

القاضي الدكتور خليل ابو رجيلي... والروائي الشاعر جان سالمه
القاضي الدكتور خليل ابو رجيلي… والروائي الشاعر جان سالمه
جان سالمه

جاءت معرفتي بالقاضي الدكتور خليل ابو رجيلي عن طريق المصادفة المحضة. كنت في أحد مكاتب الترجمة اطبع مقالاً لي، وكانت على الطاولة مخطوطة شعرية مشرّعة الصفحات. فتسنّى لي أن أقرأ بعض الأبيات، فلفتتني. لهذا طلبت من صاحب المكتب إذا كان يأذن لي أن ألقي نظرة عليها. فأجابني بلطفه المعهود: “انت تعرف انني لا أدع أحداً يطّلع على ما تكتبه انت أو يكتبه الآخرون”. ودخل على الخط أحد مترجمي المكتب، فراح يثني على هذا الشعر ثناءً عاطراً، ويصفه بالعسل المصفّى والدرّة الفريدة.

قلت لصاحب المكتب أن يسأل إذا كانت لهذا الشاعر دواوين في المكتبات. فما مضت ايام حتى وصلني ديوانان، انكببت على قراءتهما بشغف كبير، فأدركت أن المترجم المذكور لم يكن يبالغ قط. وبعد ذلك توطّدت العلاقة بيننا، ومحضني ودّه مشكوراً. وأمس سألني بتواضع الكبار: “هل تحبّ ان تشاركنا في الندوة التي تقيمها لي الحركة الثقافية في انطلياس؟”. فاعتبرت دعوته شرفاً لي ورحّبت بالفكرة على الفور. على الرغم من انني لست من هواة المنابر، ولا كنت يوماً من فرسانه المجلّين.

لن أطيل، بل سأدخل مباشرة عالم شاعرناه الكبير من خلال ديوانيه اللذين يحمل احدهما عنواناً: “انهض وامش”. أما الثاني فيضمّ حكماً وأمثالاً رمزية سياسية FABLES POLITIQUES وقد وضع مقدمته سابقاً المغفور له الأديب السفير فؤاد الترك.

تقرأ لأبي رجيلي فتخال أنه يتحدّث اليك بالوضوح المبهر الذي يتحلّى به شعره الكلاسيكي، وهذا شأن كل الشعراء الملهمين، يتوخّون السهولة حتى لا يحمّلوا قراءهم من أمرهم عسراً. شعر أبو رجيلي يطربك، يثيرك، يستحوذ على مشاعرك حتى ترى نفسك مشدوداً اليه، تودّ لو تبقى طويلاً في جنائنه الرحاب. همه الوحيد، بل دينه وديدنه هو لبنان، لبنان الصحيح المعافى. وأية غرابة في هذا ما دام الشاعر هو أولاً وآخراً مصلح اجتماعي، وبخاصةٍ إذا كان قاضياً، تخفق في دمه أعلام الحرية والعدالة للجميع!

شعره يدخل إلى القلب مباشرة ويحملك على أجنحة الأثير إلى عالم الخيال الفسيح، لترحّب بك حورياته وتسقيك أكسيرها السحري! هو والحرية صنوان، لا شيء عصيّ على انتقاده. فهو يتحدث بهدوء  ويضع أصبعه على الجرح. ويتكلم بصراحة المرسلين، ليصحّح المسار، ويدلّ على موضع الثغرات. وبعد، لأي شيء هو الشعر، إن لم يرتفع إلى درجة الالوهة، إن لم يطهّر، إن لم يحرّر، إن لم يعتق من نيرٍ؟

أما اللافت فهو أن هذا الشعر لا يتغنّى بالقدود الرشيقة ولا بالخصور المستدقّة. حسناً أن نشيد بجمال المرأة وروعة الطبيعة، ولكن الأحسن ان نحاول اصلاح أنفسنا قبل ان يحترق البيت، ويصبح قاعاً صفصفاً. (Phentermine)

حبره مائز، لأن فيه قطعة من كيانه، وفلذة من كبده، وقلمه لاذع لاذع ولكنه لا يصيب مقتلاً، لأنه موضوعي، وعلى من تحت إبطه مسلّة ان يفهم. فقد يتّعظ وقد يغيّر المسار. ينابيعه صافية وأرضه خصبة، وزهره من حدائق الربيع. أما مواضيعه فأيضاً وأيضاً عن العدالة والحرية وحقوق الانسان. ولا غرو في ذلك، فالشاعر هو رسول المحبة إلى البشر، الملاك الذي جاء لينقذ، ليفتح نافذة على الضوء ويحوّل ارضنا إلى جنّة غنّاء.

يحمل شعره ألف همّ وهمّ. وهكذا هو الشعر الشعر، صدى لكل ظلم وجور.

وطريق للإصلاح والخلاص. أما حروفه فتعكس ضوء الالهام، وتتحدث عن عشق صاحبها للهواء الطلق، فلا تسكره نشوة النصر ولا كلمات التقدير والاعجاب، لأنه يتربّع على عرش الشرفاء.

فهنيئاً لك يا صديقي الرئيس ابو رجيلي، فقد وفيت قسطك للعلى، فلك بعد هذا ان تنام قرير العين، مرتاح الضمير، لأنك جئت وقلت ما يجب ان يقال، بينما غيرك جاء وقد ضلّ الطريق، وكأن قضية الوطن لا تعنيه في قليل أو كثير.

وهنيئاً لنا بدواوينك الملاح…

* كلمة جان سالمه في القاضي خليل ابو رجيلي لمناسبة تكريمه في الحركة الثقافية – أنطلياس – في 19آذار الفائت

كلاك الصور

  • القاضي الدكتور خليل ابو رجيلي
  • جان سالمه
Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *