“بلا تحفُّظٍ”

Views: 267

قراءةٌ في قصيدة

“بلا تحفُّظٍ” لـ نادين طربيه الحشَّاش

Ibrahim-nadine

سليمان يوسف إبراهيم

دنوتُ من النّص القصيدة بلا تحفّظٍ لأتوغّل في معانيها المكنونة. أَلفيتُ الحبيبة بحبِّها تتوغّل حتّى الأقاصي فالأعماق، بروح وجسدٍ: “أَنتَ لي كجنوني/كشهوتي/كهدير الحنين في كبدي”. وعينا الحبيب، حين ترمقانها، تغدوان نبعَي حنانٍ يقطران ليُطفئا فيها لهيب الشّوق إلى لقاء! فالشّاعرة الدكتورة نادين طربيه الحشّاش، مقتنعةٌ عميقًا أنّ لا خلاص إلاّ بالحبّ، الّذي لا ترى انتقاصًا لكرامةٍ، بل على العكس، هي ترى أن حبيبها يزيّن كتفه بإضمامة منها كما يزين صدره وسامًا متى اعتلاه! فحبُّها يسير بها نحو التّوهج أبدًا: “تمسّكي بي سنطفو صوب الشّمس”. والأمل الوثيق يحدوها بأن ترسم طريقها واضحة المعالم ثابتة الخطو بين متشعِّب دروب الحياة… ليتقاسم فضاء القصيدة، شاعرةٌ تحبّ حتّى الثّمالة، وحبيب يعاقرها كأس الوداد بأصفى منها. فهي، تبثّه حقيقة مكانته عندها، وهو يعانق حلمها في منتصف الدّرب ليرسم لها صورتها في عينيه وما يودّ من رحلة القلب معها.

منذ المطلع اعتراف بنقصٍ ينتاب الحبيبين وصولًا إلى حلوليّة تعجن آمال واحدهما بالآخر… حيث نوبات التّشهّي تمتصّ النّقصان وصولًا إلى شفاءٍ وتكامُلٍ…ويندحر الجنون المُحتّم رويدًا رويدًا…فالمرأة ينهش نفسها شعورٌ بنقص جمال في غياب مًن يُصحّي في حناياها مكامن الجمال. فهي، لا يتحقَق لها سكون النّفس إلاّ برفقة مَن يصحّي على جنباتها أنهار الحنان ليعوِّضها عن إهمالٍ عارضٍ أو جفاءٍ اعترض أُويقاتها. ومعًا، يعيشان حلوليّةً راقيةً، تكسر في صدرَيهما عطشًا لشوقٍ،فينـزفان سويّةً دم عشقٍ يستحيل فيهما ارتواءً بعطر حنانٍ… وهما كذلك، يرمقان بعضهما بكِبَرٍ من غير تكابرٍ، كما الشّمس تدغدغ أغصان النّخيل: فيرضى الثّمر عن نضوج ٍوترضى الـمُثمرةٌ عن عطاءٍ من كفّ سخاءٍ! ويتسامران معًا، في عرس تماهٍ بين مُعطٍ ومُتلقٍّ، حتّى تزهو حقول الحياة وجنائن العُمر، بما نضحت من شهيّات الثِّمار حتّى يصلان على متن قطار حياةٍ جمعت بينهما إلى محطّة السّمو بالذّات، إلى حيث أراد لهما خالقٌ وهّابٌ، يوم أهداهما الحياة كما فرصة اللّقاء.

باللّه عليك أيتها الشّاعرة نادين طربية حشّاش، لا تبخلي بعد اليوم على أشرعة الورق نزفًا من هذا المعين، سلسبيلاً يرقى في شرقنا بالمرأة، التي آن لها أن تستبدل خوف قلبها، بثقةٍ مكينةٍ بشخصها وقدرتها على التّقوُّق بالحبّ الراقي كما أثبتت تفوّقًا في معظم ميادين الحياة.

 

                

                

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *