الشاعر القروي مكرمًا في البربارة… تدشين ضريحه الجديد وتنفيذ وصيّته

Views: 24

في مئوية الشاعر القروي رشيد سليم الخوري نظمت  بلدية البربارة والمجلس الثقافي في بلاد جبيل احتفالا  تم خلاله تدشين ضريحه الجديد في بلدة البربارة الطريق البحرية وتنفيذ وصيته، برعاية وزير الثقافة ممثلا بالمدير العام للوزارة الدكتور علي الصمد.

إرث شريف

بداية النشيد الوطني ثم كلمة عريفة الاحتفال جلنار واكيم، رحبت فيها بالحضور، ألقى بعدها رئيس البلدية رالف  نادر كلمة جاء فيها: “ثمانية وثلاثون عامًا مرت على وفاة رشيد سليم الخوري، عندما عاد من البرازيل، كان يقضي أيامه في القرية بيننا، كبارًا وصغارًا، الشاعر القروي، كان يدعوه آباؤنا، أما لنا، فكان رشيد سليم الخوري، قبضاي مثل الرمح، نلعب معه الكباش، ويقفز مثلنا هنا وهناك، هكذا عرفه جيلي، ثم درسناه في المدرسة مع قصيدة حضن الأم، وكلما كبرنا، كبرت قيمته عندنا أكثر فأكثر”.

أضاف: “ثمانية وثلاثون عامًا مرت ولم تنفذ وصيته، وصية الوحدة بين مصر وسوريا التي عاد من أجلها، وصية العروبة فوق كل انتماء، ووصية معانقة الهلال والصليب على قبره، وأن يصلي على جثمانه شيخ وكاهن، ونحن لنا الشرف والفخر بأن ننفذ اليوم، وصية الشاعر رشيد سليم الخوري في عهدنا البلدي، لأن البربارة، هي رشيد سليم الخوري”.

وشكر وزير الثقافة ممثلا بمدير عام الوزارة، والمجلس الثقافي في جبيل، وكل المتبرعين، وقال: “نحن أبناء وبنات البربارة، نشكر الشاعر القروي على هذا الإرث الشريف، فلك البربارة تقف عزة”. وختم معلنًا “تسمية شارع في البلدة باسم الشاعر القروي”.

التزام بهموم الناس

بدوره ألقى رئيس المجلس الثقافي في بلاد جبيل الدكتور نوفل نوفل كلمة مما جاء فيها: “المكرم كان شاعر الالتزام بهموم الناس وبأوجاعهم والصوت الصارخ بوجه الهيمنة العثمانية والامبريالية الغربية، كان يؤمن بأن لا حياة لهذه الامة الا بالتكاتف والتضامن والتعاون فآمن بالقومية العربية. وكان من ابرز شعرائها، مظهرا الالام المشتركة بين اهل الاقطار العربية وامانيهم القومية وقيمهم الكبرى مستندًا على وحدة الناس التي تؤالف فيما بينهم، وكان جرحه الأليم عندما اغتصب اليهود فلسطين محملا المسؤولية الى الصهيونية والماسونية العالمية”.

أضاف: “نرى ان الاتجاه القومي عند الشاعر مرده الى تأثره بشعراء المهجر في اميركا الجنوبية، حيث انضم الى قيصر سليم الخوري وفوزي معلوف وعقل الجر والياس فرحات وهذه الكوكبة من الشعراء كان لديها الحنين الى الوطن. والإيمان بأن الاوطان العربية لا تقوى الا بالاتحاد فيما بينها، وكان لديها الاسى من تكبيلها بالقيود من قبل الاستعمار والخوف من تقسيمها طائفيًا، وقد استنكر جريمة سايكس بيكو التي مزقت الوطن العربي الى دويلات تحت اسم الاستقلال ومزقنا الارشاد عشرين دولة”.

 تابع: “الشاعر القروي وهب نفسه للعروبة، وان نسيه قومه واعداء الامة والوطن سيبقى في نفوس الانقياء خالدًا، ولعمق ايمانه بالقومية العربية وخوفًا عليها وهذا حدس الشعراء المبدعين .. اراد ان يمتن هذه القومية بطلبه ان يرفع الصليب والهلال على مدفنه وان يصلي عليه شيخ وكاهن، رؤيته ان ما يؤذي هو التعصب الديني وهذا ما نراه الان، قدر وحذر وخشي من ان تصل الى ما وصلت اليه الامور اليوم”.

وتساءل: “اين زمن العروبة واين نحن منها اليوم، فقد تفتت وتحولت الى قومية الاقطار والاحزاب الى المذهبية والطائفية ومن ثم الى العولمة فضاعت الحرية والتاريخ والجغرافيا”.

ختم: “صحيح ان للاطراف الخارجية والدول الاقليمية ادوات مؤثرة في تأجيج الانقسامات، ولكن اين مسؤولية الذات العربية نفسها عما حدث ويحدث من شرخ كبير داخل المجتمعات العربية. ماذا عن المواطن نفسه في اي بلد عربي وعن تلك القوى التي تتحدث باسم الجماهيرية العربية وعن المفكرين والعلماء والاعلاميين والسياسيين الذين يوجهون الشارع العربي”.

أكد ألا مجال لنا كقوميات عربية الا من خلال الدولة المدنية  متمنيًا ألا تعشعش الهزيمة في انفسنا، وان نحلم بتحقيق الارادة الكامنة في ذواتنا التي تحتاج الى الرياديين لتنفجر”.

غياب الكبار

اعتبر النائب السابق نجاح واكيم في كلمته انه “في زمن الكبار كرم الكبار الشاعر القروي، فكان جمال عبد الناصر مالىء الدنيا وشاغل الناس عندما دعا القروي قبل ستين سنة الى قصر الضيافة في دمشق وكرمه. ورد شاعرنا التحية بمثلها، اذ قدم للزعيم الكبير ديوانه مصدرا بإهداء، لقد خصصت له الجمهورية العربية المتحدة مبلغ الفي ليرة معاشًا شهريًا مدى الحياة، غير ان القروي بعد هزيمة 1967، تبرع بمعاشه هذا كاملا للجيشين المصري والسوري”.

وتابع: “غاب الكبار، وغمرت وجه الامة اوساخ هذه الامة، ملوكًا وسلاطين وشيوخًا وامراء، تجمعهم اميركا في وارسو وتسوقهم اسرائيل الى المنامة والرياض. اما الشعراء الكبار والادباء الكبار، فقد ابتعدوا قرفًا وقنوطًا، ولسان حالهم ما قاله الشاعر غسام مطر”. (https://www.topskitchen.com)

وانتقد تسمية الدولة اللبنانية جادة باسم الملك السعودي في واجهة بيروت، معربًا عن أسفه “كيف ان هذه الدولة وفي عيد التحرير اليوم، لم تتذكر سناء محيدلي وخالد علوان ونزيه القبرصلي ولولا عبود والشيخ راغب حرب”.

وختم: “اعرف ان كلامي هذا سوف يستثير على السنة المتملقين واقلامهم، ولكن لا هم”.

خطر الصهيونية العالمية

أشار نائب رئيس المجلس الثقافي في بلاد جبيل  الدكتور سمير حيدر الى مسيرة الراحل مع باقة من الشعراء، فأكمل معهم صورة البيئة الجبيلية الوطنية الدافئة التي شكلت صورة لبنان المرتجى في سني الحرب الأهلية الطاحنة، وأبقت المنطقة عصية على كل دخيل ملوث بأوحال المذهبية والمناطقية.

وقال: “انه من الأوائل الذين اكتشفوا خطر الصهيونية العالمية على كل مصادر الإيمان والأوطان والحضارات، لأنها مسخ وتزوير لليهودية الموسوية التوحيدية، ونخر مسموم للمسيحية المحبة والمسامحة، وبخاصة الغربية، ونسف خبيث للإسلام السمح وتصويره إرهابا متوحشا ومتعطشا للدماء. وبنفس الوقت إكتشف الرد الحاسم على كل شرورها والمتمثل بالتوحد الأقصى بين المسيحية المشرقية الايمانية المنغرسة عميقا في الأرض والتراث وبين الاسلام الثوري الانساني الذي يشكل روح العروبة الحية ورسالتها الانسانية الخالدة”.

واضاف: “الشاعر القروي تعرض لأبشع أنواع المحاربة والتهميش في الغربة، لاكتشافه أن الصهيونية مشروع غربي خبيث متجدد ومتلون لضرب العرب وتجزئتهم ونهب خيراتهم، فقرر العودة الى لبنان، ورغم مسلسل الهزائم والنكبات والتفكيك والتجزيء، ما عدا بعض الومضات المشرقة والمنبأة، فقد بقي رشيد سليم الخوري شديد الايمان بعروبته، وبأن هذه الأمة ولادة، وأننا خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر”.

وختم: “رحل وهو يرى العالم كله، ومن نصبوا حكاما، يقاتلون العروبة لما فيها من قيم انسانية تاريخية عظيمة، ولما تعنيه وحدتهم من تحرير لهم وللانسانية، كثر غيره قالوا كلمتهم ومشوا، وهو قال كلمته ووقف الموقف المنسجم معها رحل الشاعر القروي كبيرا، ولم يساوم يوما من أجل مصلحة أو منفعة شخصية، واليوم كلنا رشيد سليم الخوري، في الايمان بالحق الممهور بالعدالة والحرية، وبسيادة الكلمة الموجهة للرصاصة المحررة”.

أصالة وإشعاع فكري

نقل  د. علي الصمد في مستهل كلمته تحيات وزير الثقافة للحاضرين وقال: “اذ نحتفل اليوم بمئوية الشاعر القروي رشيد سليم الخوري لا بد ان اتوقف عند لوحات جديرة بالتأمل، وهي اولا لوحة “بلاد جبيل ” اقدم المدن المسكونة في العالم، المتميزة بمواقعها الاثرية ذات الاطلالة البحرية التي صدرت ابجديتها الفينيقية نحو العالم. واللوحة الثانية هي لوحة القديسة ” بربارة “، تلك القديسة التي تمثل عظمة الشهداء، ومن هاتين اللوحتين استحضر اللوحة الثالثة لوحة الشاعر (رشيد سليم الخوري ) هذا الشاعر الذي تشرب من قريته التي ولد فيها رمزية القداسة من حيث ارتباطه بها واختيارها لقبا له”.

واضاف: “شاعرنا هو من اعجب بهذا اللقب واتخذه اسما له يرافقه طيلة الزمان. وتشرب من رمزية القديسة الجرأة ومواجهة الشر والظلم من خلال شعره الذي حوله سلاحا فتاكا يدافع به عن حقوق الشعوب بالوجود والحرية، ويدعو الى التحاب الاخوي، والى توحيد الامة العربية فاشتهر بوطنياته، واكتسب محبة اجمع عليها كل العرب فاطلقوا عليه لقب شاعر العروبة، وكان بحق شاعر النهضة العربية”.

وتابع: “وارتباط شاعرنا بجبيل يعكس صورة صورتها الحقيقية، فكما صدرت للعالم الابجدية الفينيقية، صدرت للعالم الشاعر رشيد الخوري، فهاجر الى البرازيل ليصبح علما في رئاسة تحرير مجلة ” الرابطة “، وعلما في رئاسة ” العصبة الاندلسية ” ، كأن نفسه المتشربة استقلالية وابداعا ابجديا تأبى الا ان تكون في مصاف القيادة كي تنشر في العالم وطنية وعلما متلونا بالوان نفسه المرهفة، المحبة، الصافية. فحين تقرأ اشعاره تجد في طياتها الوطن والامومة والحب والاخوة والصداقة والوفاء.

الوفاء سمة لازمته دائما في كل مجالات حياته، وهو الذي اعاده الى ارض الوطن بعد خمسة واربعين عاما من الهجرة. عاد الى الوطن لانه يريد ان يكمل مسيرة حياته فيه، وان يضمه ترابه الذي يمده بما تحتاجه نفسه من عزة وشموخ.

وقال: “ليس من سبيل الصدفة ان نلتقي في يوم المقاومة والتحرير لنحيي ذكرى الشاعر القروي، في حضرة عيد المقاومة والتحرير المجيد، ومن بلدة البربارة، نستعيد الزمن ليؤكد لنا ان مرور السنوات لا يوقف عطاءات المبدعين، فالذين اثروا العالم محبة انسانية، واصالة وطنية، واشعاعا فكريا لا يمكن ان يغلبهم النسيان”.

وتوجه بالشكر إلى المجلس الثقافي في بلاد جبيل ولبلدية البربارة على تنظيم هذا الاحتفال. وختم: “نحن في وزارة الثقافة يغمرنا الفخر والاعتزاز عند تكريم كبار لبنان”.

قصائد من وحي المناسبة

تخلل الاحتفال إلقاء قصائد من وحي المناسبة لكل من الشاعرين جورج شكور وزياد ابي فارس، وشهادة لجورج خوري قريب المكرم.

وفي ختام الاحتفال، تم توزيع الدروع التقديرية ثم لبى الحضوردعوة رئيس البلدية إلى افطار اقامه في دارته.

Comments: 1

Your email address will not be published. Required fields are marked with *

  1. كان الشاعر الكبير رشيد سليم الخورى وطنيا من اخمص قدمه حتى النخاع ، لم تهتز وطنيته فى اى لحظة و لم يفقد ايمانه بالعروبة ابدا و هو القائل
    سلام على كفر يوحد بيننا و اهلا وسهلا بعده بجهنم
    و مع انه كان شاعر العروبة خلال عدة اجيال و الناطق باسم نضالها و المعبر عن آمالها فقد عاش و مات فقيرا من المال و لكنه كان اميرا فى الوطنية ، و اذكر ان الرئيس جمال عبد الناصر كرمه فى الستينات و منحه وسام الفنون و الاداب من الطبقة الاولى ، غير اننا نطمح ان نشرف احد شوارع القاهرة بتسميته شارع رشيد سليم الخورى ، رحم الله شاعرنا الكبير بقدر ما منح من روحه للعروبة و بقدر ايمانه بالوطنية
    دكتور / حسين محمد البسومى
    محام من مصر